‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الرياضة في اليمن أقدام الناشئين تقهر بنادق المتحاربين… الرياضة توحد اليمنيين بعدما فرقتهم السياسة

أقدام الناشئين تقهر بنادق المتحاربين… الرياضة توحد اليمنيين بعدما فرقتهم السياسة

صوت الأمل – محمد عبد العزيز

الفرحة تعم أرجاء اليمن بفوز الناشئين ببطولة غرب آسيا لكرة القدم

فرحة كبيرة عمَّت أرجاء اليمن، شارك فيها كل أبناء البلد بمختلف شرائحهم واتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية والمذهبية ابتهاجًا بتحقيق المنتخب الوطني لكرة القدم بطولة اتحاد غرب آسيا الثامنة للناشئين التي استضافتها السعودية.

     خرج الناس إلى الشوارع حاملين الأعلام الوطنية مطلقين الشعارات التي تهتف لليمن، وزغردت حناجر النساء، وأضاءت الألعاب النارية سماء المدن والقرى.

     وشهدت العاصمة صنعاء احتفالات شعبية عفوية في مختلف الميادين والشوارع العامة، حيث تجمهر المئات من المشجعين، وأطلقت الألعاب النارية بكثافة في سماء العاصمة احتفاء بتحقيق البطولة.

     كما شهدت مدينة عدن – جنوبي البلاد- احتفالات واسعة، حيث خرج مئات المواطنين يجوبون شوارع المدينة ابتهاجًا بتحقيق المنتخب بطولة كأس غرب آسيا للناشئين.

    وفي مدينة تعز خرجت مسيرة احتفالية حاشدة وسط المدينة شارك فيها المئات من المواطنين مرددين هتافات “بالروح بالدم نفديك يا يمن”، و “حيُّوا اليماني حيُّوه” وهتافات أخرى، ورفع المشاركون في المسيرة العلم الوطني.

    كما شهدت معظم مناطق اليمن الحضرية والريفية احتفالات واسعة ابتهاجًا بما حققه منتخب البلاد للناشئين.

    وانهالت تبريكات الجميع مشفوعة بإعلانات التبرعات المادية والعينية للمنتخب من كبريات الشركات التجارية ورجال الأعمال، بل وحتى المواطنين العاديين.

     وقدَّمت عدد من الشخصيات اليمنية والشركات جوائز مالية وعينية للاعبين على ما حققوه من إنجاز على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد إثر النزاع القائم منذ سبع سنوات.

    وتسابقت جميع أطراف النزاع لتهنئة منتخب الناشئين، وكتب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ على حسابه في تويتر: “يسعدنا أن نرى الوحدة والفرح والاحتفالات في جميع أنحاء البلاد”.

الرياضة تصلح ما أفسدته السياسة

     يقول المحلل السياسي أمين الحجيلي: هذا الإنجاز الذي يعدُّ الأول من نوعه في تاريخ الرياضة اليمنية صنع إنجازًا آخر على الصعيد السياسي، حيث استطاع أن يوحد جميع الأطراف المتنازعة لأول مرة منذ اندلاع الصراع بموقف واحد هو المباركة لليمن – كلَّ اليمن- بهذا الإنجاز التاريخي.

   ويضيف: لاعبو منتخب الناشئين جاؤوا من مختلف المدن والمناطق اليمنية وحققوا إنجازًا يحسب لليمن بكامل امتداده الجغرافي، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

    ويؤكد الحجيلي أن فوز منتخب الناشئين اليمنيين بكأس بطولة غرب آسيا كشف مدى الاهتمام الذي تحظى به الرياضة في اليمن وبخاصة في أوساط الشباب، فقال: “في مشهدٍ غير مسبوق وبمظاهر غير تقليدية، بل وتلقائية، عمَّت احتفالات اليمنيين بهذا الفوز كل مدن اليمن من دون استثناء على الرغم من حالة التمزق السياسي جراء الصراع الدائر على أرضه للعام السابع على التوالي”.

     وبلغت نشوة النصر ببعضهم حدَّ إطلاق الذخيرة الحية في الهواء فضلًا عن الألعاب النارية وإيقاد المشاعل على أسطح البيوت وفي الطرقات.

     يقول الكاتب الصحفي عمر القاضي: “لقد عبّر اليمنيون عن فرحتهم بالخروج التلقائي للاحتفال في شوارع المدن اليمنية، ومن دون أي جهة منظمة أو داعية للخروج ونسوا في لحظة عابرة قصيرة كلَّ أحزانهم وانكساراتهم المتتالية”. مضيفًا “ما أحدثه فوز المنتخب من ردة فعل لدى عامة الشعب يتجاوز كثيرًا كرة القدم إلى التعبير عن وحدة الشعب شمالًا وجنوبًا من دون حسابات مناطقية أو سياسية أو ثقافية”.

    من ناحيته الصحفي ماهر المتوكل من تعز، يقول: إن الناشئين نسفوا كل أبجديات وأدران السياسة وأمراضها، وتمسكوا بمحبة الوطن ولا شيء سواه، مدللا على ذلك بالأصداء الواسعة من الفرحة والسعادة التي شهدتها كل محافظات اليمن.

    ويضيف المتوكل: نتيجة المنتخب الصغير أكدت كم يشتاق اليمنيون إلى الفرح في زمن الصراع، حيث توحدت كل الانتماءات المتناقضة تحت راية وطن واحد، ونحّوا السياسة جانبًا.

    أحد رموز ومؤسسي الإعلام الرياضي، علي ناجي الرعوي، أوجز وجهة نظره في تصريح للإعلام بالقول: “بصرف النظر عن مسألة تأهل هذا المنتخب إلى نهائي غرب آسيا فإن الأهم من وجهة نظري هو أن يكون لنا لأول مرة منتخب يعرف كيف يلعب، وكيف يهاجم، وكيف يدافع، ويعرف حتى كيف يتغلب على معاناته.

ويضيف: مع فرحة الجميع بهذا المنتخب فإن ما نخشاه أن يتلاشى ويضيع تحت طائلة الإهمال، كما حدث قبل مع منتخب الأمل.

    كما عبر نجم نادي اليرموك بالعاصمة صنعاء والمنتخبات سابقًا، مراد الحاشدي عن سعادته بالإنجاز الذي وصفه بالتاريخي مؤكدًا “منتخبنا يستحق” متمنيًا أن يحظى المنتخب بالاهتمام والرعاية، وعدم الإهمال، وألَّا يلقى مصير من سبقوه، مثنيًا على أداء المنتخب ولاعبيه الذين كانوا أكبر من السياسيين، ووحّد أفئدة الجميع، وأهدى اليمنيين فرحةً لا توصف.

     وبارك الحاشدي للجهاز الفني والإداري هذا المنتخب الذي منحنا أملًا متجددًا كونه تجاوز الظروف القاسية، وبرز من رحم المعاناة، مطالبًا الجميع بعدم المبالغة كوننا نبالغ بالفرح، ونقسوا عند الخسارة، والتوازن مطلوب للبناء على ما أُنجِز.

الإرادة تقهر الظروف

    طبيب العيون الدكتور زين العابدين بدر أكد أن الروح المتجددة والإرادة القوية التي يمتلكها شبابنا، والمتمثلة في المستوى والأداء المتميز والمتألق لمنتخب الناشئين في بطولة غرب آسيا، كلها رسمت ملامح قادم أفضل للكرة اليمنية، وصنعت كثيرًا من السعادة والأمل في قلوب كل اليمنيين.

    يرى الدكتور زين أن منتخب الناشئين اليمني منتخب يراهن عليه، وتمنى عدم إهماله بعد البطولة، كما جرت العادة.

    من ناحيته وليد السدرة يأمل أن فوز ناشئي المنتخب باللقب قد رسم الفرحة في نفوس الشعب اليمني الذي اكتوى بنيران الحرب والسياسية، وكان المنتخب الصغير أكبر منهما بكثير.

وللنساء نصيب

     لم تقتصر فرحة اليمنيين على فئة معينة، وكان للنساء نصيب في هذه الاحتفالات وفقًا للأستاذة نوال السياغي  (المشرفة الاجتماعية في مدرسة للبنات) التي قالت: إن المدرسة قد شهدت – بعد فوز المنتخب- احتفالات عفوية عمت الطالبات اللاتي تبادلن التهاني والهدايا بالمناسبة، وقامت طالبات الرسم بتعليق صور للمنتخب في أرجاء المدرسة، ونظمت الشاعرات منهن قصائد في مدح المنتخب الصغير والإشادة بإنجازه الذي أدخل الفرحة في نفوس الجميع.

    وتقول خديجة الصلوي (ربة بيت): إن النساء اليمنيات كان لهن نصيب في الفرحة، وعبرن عن ذلك بإطلاق الزغاريد وتبادل التهاني عبر المجالس النسائية وعبر رسائل التلفونات وفي مجموعات الواتس اب.

   وقالت: إن هذا الإنجاز دفع بالعديد من النساء إلى تشجيع أبنائهن على ممارسة الرياضة في مختلف الألعاب والانخراط في صفوف الأندية الرياضية اقتداء بما حققه أبطال منتخب الناشئين.

الفرحة تتجاوز حدود البلد

    لم تقتصر الفرحة على اليمنيين داخل البلد، بل تجاوزت ذلك إلى اليمنيين المقيمين بالخارج، فقد شهدت أماكن أخرى في العالم احتفالات مشابهة أحيتها الجاليات اليمنية فرحًا بهذا الفوز من بينها القاهرة وبعض مدن السعودية والخليج والولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من البلدان التي توجد فيها جاليات يمنية.

    يقول المغترب اليمني المقيم في الولايات المتحدة عبد المجيد الحجري: هذه المرة الأولى التي يحقّق فيها منتخب يمني لكرة القدم بطولة قارية. وعمّت الاحتفالات مناطق البلد الفقير الغارق في الصراع، وخرج الناس إلى الشوارع يحتفلون في مختلف المناطق.

     في حين يؤكد الصحفي اليمني المقيم في القاهرة صالح الحميدي أن اليمنيين في القاهرة بمختلف انتماءاتهم السياسية احتفلوا بالنصر الكروي، وشهدت القاهرة تجمعات لليمنين في المقاهي والأماكن العامة هتفت لليمن ولمنتخب الناشئين الذي زرع في اليمنيين البسمة على الرغم من ظروف الصراع والمآسي التي تخيم على البلد منذ سنوات.

ولكن…

    ما نغَّص فرحة اليمنيين بهذا الإنجاز هو إطلاق الرصاص العشوائي الذي تسبّب في سقوط خمسة قتلى، بينهم طفلة، وإصابة 124 آخرين بجروح في العاصمة صنعاء، على وفق ما أعلنت وزارة الصحة.

   وجاء في بيان وزارة الصحة أن “العاصمة صنعاء والمحافظات شهدت احتفالات جماهيرية غير مسبوقة بتتويج منتخب الناشئين ببطولة غرب آسيا شهدت إطلاق الأعيرة النارية في الهواء؛ ما تسبب في وفاة خمسة أشخاص وإصابة 124 نتيجة الرصاص الراجع، وبين القتلى طفلة في الرابعة من عمرها”. وفقًا لما نقلته وكالة “فرانس برس” عن طبيب في مستشفى. وسُمع إطلاق نار استمر لساعات، في حين كانت عائلات تجوب الشوارع في سياراتها ويُطلق آخرون الألعاب النارية في مشهد تكرر في مناطق يمنية أخرى.

   جدير بالذكر أنه عادة ما يُجمع لاعبو المنتخبات الرياضية في معسكرات في صنعاء أو عدن قبل المباريات والمشاركة في البطولات بفترة قصيرة يخضعون خلالها لفترة إعداد قصيرة.

    ويقوم الجهاز التدريبي للمنتخب بالبحث عن المواهب في مناطق يزورها بعد إجراء ترتيبات مع المسؤولين الرياضيين فيها، في رحلة غالبًا ما تكون محفوفة بالمخاطر.

    وتوج المنتخب اليمني لكرة القدم مساء اليوم بلقب بطولة اتحاد غرب آسيا الثامنة للناشئين، لفوزه على المنتخب السعودي 4 – 3 بركلات الترجيح إثر تعادلهما في الوقت الأصلي واحد لمثله في المباراة التي أقيمت في مدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

38% أكثر التحسينات المقترحة للرياضة الاهتمام بالأندية

صوت الأمل – رجاء مكرد      أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفو…