‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الرياضة في اليمن الرياضة النسوية… بين مواجهة هيمنة المعتقدات الاجتماعية وفرض الواقع

الرياضة النسوية… بين مواجهة هيمنة المعتقدات الاجتماعية وفرض الواقع

صوت الأمل – علياء محمد

       مع هيمنة العادات والتقاليد في المجتمع اليمني، ورفض المجتمع ممارسة المرأة للأنشطة الرياضية لاعتقادهم أن الرياضة مرتبطة فقط بالذكور، إلا أن هناك نساء تحدَّينَ هذه المعتقدات وأصبحن نموذجًا مشرفًا في الرياضة النسوية اليمنية، وفرضن مشاركتهن بالقوة، وجعلن أنفسهن واقعًا يفتخر به، وسطع ضوؤهن في وسط الظلام ليسردن حكايات رياضية.

     الكابتن أماني عبدالمجيد (مدربة في التايكواندو والكيك بوكسينغ) واحدة من اليمنيات الرياضيات، بدأت التدريب سرًا ومن دون علم أهلها؛ بسبب قلة الوعي المجتمعي بأهمية الرياضة.

    تقول أماني: “عندما قررت الدخول في مجال الرياضة واجهت صعوبات كبيرة، كان أهمها: عدم تقبل أسرتي لميولي الرياضي والنظر إليَّ على أنني متمردة على العادات والتقاليد، ومع ذلك لم أرضخ لهذه الضغوطات، وبدأت بالتدريب سرًا من دون علم الأهل؛ لأنني أنتمي إلى عائلة محافظة، ولكن في المقابل كان هناك شخص من العائلة مساندًا لي في كل خطوة أخطوها وبعدها بدأت العائلة تتقبل الفكرة ولكن بعد معاناة كبيرة جدًا”.

    مضيفة: “هناك العديد من الفتيات لم يواصلن تحقيق الحلم، منهن من تزوجت ورفض زوجها المشاركة، ومنهن من استسلمت لكلام الناس واتهامهم الرياضية بأنها تخالف تعاليم الدين”.

     وتؤكد الكابتن أماني أهمية تفعيل الإعلام ودور الاتحادات والمسابقات المدرسية حتى ينشر الوعي بأهمية الرياضة لكل فئات المجتمع من دون استثناء، ولكي تتقبلها الأسر، قائلة: “للأسف ما نواجهه من تحدٍّ يتمثل في عملية تغيب لأهمية الرياضة والمشاركة النسوية التي تعدُّ جزءًا لا يتجزأ من الرياضة، وقد يكون أفضل؛ لأن لدينا فتيات يمتلكن خامات قوية جدًا وقدرة على إحراز المراكز الأولى.

التميز في الرياضة

    “تقارني نفسك بالولد” هذا هو الرد الذي تلقته سمر عبدالله (طالبة بكلية الطب) عندما قررت الدخول للتدرُّب على رياضة (البوكسينج) تقول في حديثها لـ “صوت الأمل”: “لا أعلم لماذا عندما تقرر الفتاة المشاركة في أي رياضة، يعتقدون أنها تتخلى عن أنوثتها مع أنني أرى أنه لاعلاقة لهذا بذاك، وأن الرياضة لا يمكن أن تنقص شيئًا من أنوثة المرأة، وأن كل تلك الأفكار مغلوطة”.

    مضيفة:   “أنا طالبة في الطب وأشعر بحاجتي إلى الرياضة، فأنا أقضي ما يقارب الثماني ساعات في الدراسة والمذاكرة وهذا غير صحي، فكان لابد من أن آخذ ساعتين من وقتي لممارسة التمارين الرياضية، وبالفعل لاحظت الفرق صحيًّا ونفسيًّا.

    وتضيف سمر: “في مجتمعنا يمارس التمييز بين الرجل والمرأة في كل شيء، فما بالكم بالرياضة التي يعدونها مقصورة على الرجال فقط، لذلك فكرة المشاركة الرياضية للمرأة تحتاج إلى قوة كبيرة في الإقناع والتوعية بأهميتها نفسيًّا وجسديًّا.

    وفي السياق ذاته أشارت نوال محمد( 35 عامًا) إلى محاولتها الكبيرة في إقناع زوجها لممارسة الرياضة، ولكنها لم تستطع إقناع من حولها من أهله فهم يرون مشاركة المرأة في الرياضة عمل غير لائق، ولا تستطيع المشاركة، تقول نوال: “نجد تحديات وصعوبات؛ بسبب أفكار المجتمع التقليدية والسائدة إلى الآن، وحتى إذا وجدنا شخصًا خرج عنها إلا أننا نجد الكثير ممن حوله يحاول إقناعه”.

    أماني شكري (لاعبة كرة طائرة) تقول: إن الرياضيات يعانين من نظرة مجتمعية قاصرة، وتهميش، وإقصاء أيضًا في مجال الرياضة، وإذا وافق بعضهم على الرياضة تكون برياضات معينة – الفردية فقط – أما الرياضة الجماعية فهي حكرٌ على الرجل ولم تتح لنا فرصة  للمشاركة.

نوادي قليلة متخصصة

      سماح الوجيه (عضو في إدارة المرأة بوزارة حقوق الإنسان) تؤكد لـ “صوت الأمل”: “ليس هناك نوادٍ حكومية مخصصة للنساء ولاتتوفر إلا النوادي الخاصة التي تفرض رسومًا عالية لا تستطيع النساء دفعها في ظل هذه الأوضاع الراهنة، وحتى إذا توفرت النوادي لانجد المعدات الرياضية المطلوبة”.

    وفي السياق ذاته توضح عائشة سالم (مواطنة من صنعاء) أن النوادي المنتشرة في البلاد تعد للترفية أكثر من التدريب على رياضة متخصصة، ولا تتوفر فيها الآلات لإنقاص الوزن مثلاً، وبوصفي رياضية متخصصة أقول: لا توجد أيُّ نوادٍ تقوم بصقل مهارات النساء في مختلف الأنشطة الرياضية سواء الجماعية أم الفردية.

غياب الاهتمام الحكومي

      سهام عامر(بطلة في لعبة البوكسنج) تُشير إلى تجاهل الجهات الحكومية والاتحادات الرياضية لمشاركة المرأة في البطولات الداخلية والخارجية، عبر إهمال وزارة الشباب والرياضة للنساء الرياضيات، فهن لا يجدن دعمًا ماديًّا أو معنويًّا.

     وأضافت: “في فترة من الفترات الماضية كان لدينا بطولة في الأردن، وتدربنا في معسكر التدريب، وبذلنا جهدًا كبيرًا وهناك من أوقفت دراستها، وجهزنا كل شيء؛ لنتفاجأ قبل السفر بيومين برفض الوزارة سفرنا بحجة أننا فتيات، ولا يجب المشاركة في مثل هذه الرياضات، وحاولنا جاهدين إقناعهم ولكن لا جدوى”.

    وتابعت القول: حتى الدعوات للمشاركة لا تصل إلينا من الاتحادات، وتصل إلينا من الخارج، ومع ذلك نقوم بالتقديم للمشاركة من دون علمهم، وكل ذلك بمجهودنا الشخصي، وأحيانًا هناك من يقف ضدنا ويعمل على عدم مشاركتنا بتلك الفعاليات.

     وتؤكد عامر أن الإهمال لم يقف هنا وحسب، بل وصل إلى وسائل الإعلام المحلية فهي تمتنع عن تغطية البطولات النسائية والتركيز على أهميتها، ولا تسلط الضوء على الرياضة النسوية؛ بسبب ثقافة العيب.

    وتحكي عامر معاناتها، فتقول: “عندما شاركت في حفل للتكريم، وكان من الضروري ظهوري في التقرير تفاجأت بحذف الجانب الذي يخصني، وعندما سألت: لماذا لم أظهر في التقرير؟ أجابها المدرب: إنها توجيهات من الوزارة بعدم عرض التقرير الذي تظهرين فيه”.

  التخلص من ثقافة العيب

        تُفيد نهى شكري (عضو في الإدارة العامة لحماية الأسرة) أن من حق كل امرأة أن تكون لها رياضتها الخاصة مثلها  مثل باقي النساء في العالم، ويجب على كل أسرة أن تكون الداعم الأول للمرأة، بالإضافة إلى تسهيل وصول النساء إلى الأندية الرياضية، وتخصيص أوقات لممارسة الرياضة حتى يومين في الأسبوع.

    وتضيف شكري: “يجب أن نتخلص من ثقافة العيب المصاحبة لنا في كل وقت، لأننا لا نخرج عن العادات والتقاليد. ممارستنا للرياضة لا تتعارض مع أخلاقنا وقيمنا، وكل تدريب تقوم به النساء يكون في أماكن مغلقة وخاصة وبإشراف كوادر نسائية”.

    مؤكدة أن  للرياضة أهمية كبيرة جدًا فهي مفيدة للحصول على لياقة بدنية عالية، وكذلك تُعدُّ علاجًا نفسيًّا لكثير من الضغوط التي تتعرض لها المرأة، ولطبيعة عمل المرأة وانشغالها في المنزل والأطفال فهي تحتاج إلى وقت تفرغ فيه هذه الضغوط ولا متنفس لذلك سوى الرياضة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

38% أكثر التحسينات المقترحة للرياضة الاهتمام بالأندية

صوت الأمل – رجاء مكرد      أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفو…