‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التعليم الفني والتدريب المهني في اليمن المرأة في التعليم الفني والمهني… بين إهمال الجهات الرسمية ومحاولة إثبات الذات

المرأة في التعليم الفني والمهني… بين إهمال الجهات الرسمية ومحاولة إثبات الذات

صوت الأمل – منال أمين 

      التعليم الفني والمهني أساس في بناء الدول فالمهارات والمعارف التي يكتسبها المتعلم في المجالات الفنية والزراعية والصناعية والصحية تنهض بالبلد، فهذه المجالات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالإنسان واحتياجاته، والرجل والمرأة يدان تبنيان المجتمع ونحن لا نستطيع البناء بيد واحدة؛ لذا علينا ألَّا نستغرب أو نستنكر إذا رأينا نساء يعملن ويزاحمن الرجل في هذه المجالات.

ومع أننا نعلم أن الأفكار ينبغي أن تتبدل  لتواكب التطورات العالمية التي تشجع انخراط المرأة في هذه المهن و نجد أن المرأة اليمنية مازالت تواجه العديد من المفاهيم الاجتماعية والثقافية المغلوطة التي تقيد حريتها وتقف حائلًا أمام دخولها مجال الأعمال المهنية والفنية، ومع ذلك نجدها تستمر في الكفاح  لمواجهة تلك المشكلات والعقبات التي تتعلق بمصيرها.

     التدريب والتأهيل الفني والمهني للموارد البشرية النسوية يعد مجالًا يساعد في زيادة قدرة المرأة على الخوض في مجالات سوق العمل وبقوة في مختلف التخصصات المهنية والفنية التي شرَّعها لها قانون العمل رقم (5) لعام 1995م، وقانون التعليم الفني والتدريب المهني رقم 23 لعام 2006 من دون قيود.

        سميحة عمر ياسين (مديرة التعليم والتدريب العام للفتاة في قطاع الفتاة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الفني والتدريب المهني) تقول: “يحق للفتاة الالتحاق بأي تخصص في قطاع التعليم الفني والتدريب المهني على مستوى البلاد حسب قانون التعليم الفني”.

     وأردفت: “هناك طالبات انخرطن في تخصصات مختلفة وأكثر تعقيدًا في الجانب الفني مثل تخصص الميكانيكا والبناء والتبريد وغيرها، كما يمتلك قطاع التعليم الفني مهندسات بناء وميكانيكا يعملن معلمات في المعاهد الفنية والمهنية على مستوى المحافظات”.

     وأوضحت لـ”صوت الأمل” أن قطاع التعليم الفني والمهني وضع تخصصات خاصة بالفتيات اللاتي لم يستطعن مواصلة التعليم الأساسي والثانوي، مثل تخصص التجميل، وتصفيف الشعر، والخياطة. فالقطاع يقدم العديد من الدورات القصيرة التي تستطيع الفتاة الاستفادة منها في تطوير مهاراتها المهنية.

تنوير قدرات المرأة  

   “للمرأة أهمية كبيرة جدًا في قطاع التعليم الفني والمهني خصوصًا في هذه المرحلة، فإذا استثمرت قدراتها وإمكاناتها الفنية والتقنية استثمارًا جيدًا ستسهم في إعادة التعافي الاقتصادي والتنمية والتطوير في مختلف المجالات”. وذلك حسب ما أشارت إليه مديرة التعليم والتدريب العام للفتاة في الوزارة. 

     وأضافت قائلة: من أهم الأهداف الأساسية التي تسعى وزارة التعليم الفني إلى تحقيقها هي تنوير قدرات المرأة في مختلف التخصصات الفنية والتقنية بما يخدم المجتمع، فالتعليم الفني يقدم نوعين من التعليم (التعليم النظامي وتعليم الدورات).

التحديات

     وحول التحديات التي تمر بها الفتيات الملتحقات بقطاع التعليم الفني، تقول سميحة: إنه من بعد عام 2000م بدأت العادات المجتمعية تفرض قيودها على الفتيات الملتحقات بالتعليم الفني والمهني وترجمت تلك القيود برفض الكثير من الأسر التحاق بناتهن في تخصصات تنحصر فقط على الشباب كما يعتقدون.

    وذكرت أن عدد الملتحقات بالتعليم الفني في كل التخصصات الفنية والتقنية قليل جدًا إلى اليوم، وقد لا نجد نسبة للفتيات الملتحقات بتخصصات فنية ومهنية مثل الهندسة الميكانيكية والبناء والتبريد والصيانة إلا في مدينة تعز، وقد وصلت نسبة انخراط الفتيات لتلك التخصصات 10%.

   وتفيد سميحة أن هناك تخصصات أخرى فيها نوع من القبول لدى الأسر اليمنية، مثل التخصصات النظرية التجارية، ودبلوم تقني سنتين، وثانوية مهنية تجارية تتضمن تخصصات اقتصادية تقنية كالمحاسبة، وإدارة المكاتب، والتسويق، وبرمجيات الحاسوب الآلي، والتصوير الفوتوغرافي.

   وأشارت سميحة إلى أنه منذ عام 2016 إلى 2018 كان هناك تدهور في إقبال الفتيات على التعليم الفني والتقني بسبب الأوضاع الاقتصادية والأمنية غير المستقرة في أغلب المحافظات اليمنية، ولكن في أواخر عام 2019 بدأ الإقبال على التعليم الفني يستقر نسبيًّا مقارنة بالأعوام السابقة بنسبة 20%. كما لا تتجاوز نسبة الكادر الوظيفي في قطاع التعليم الفني والمهني من النساء على مستوى المحافظات اليمنية 40%.

   وحول دور قطاع المرأة في التعليم الفني، تقول سميحة: إن القطاع يهدف من ناحية أكاديمية إلى وضع برامج تدريبية وتأهيلية للفتيات ووضع استراتيجية حقيقية للتعليم الفني فيما يخص الفتيات، حيث ينقسم على إدارتين: إدارة تعليم الفتاة وتدريبها، والإدارة العامة للمشاركة المجتمعية التي تستهدف تدريب المرأة في مختلف المجالات بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية.

تدني الاهتمام بالمرأة

     إن قانون العمل رقم (5) لعام 1995م أكد مساوات المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات من دون تحيز مع تحقيق التكافؤ بينهما، ولكن الواقع العملي في مختلف القطاعات ومنها قطاع التعليم الفني يبيِّن أن هناك تدنيًّا في الاهتمام بتطوير المرأة ومشاركتها في  سوق العمل.

     أحلام السيد(مدرسة في مادة الكيمياء في أحد معاهد التعليم الفني ـ عدن) تقول: إن أهم التحديات التي تواجه المرأة المعلمة عدم توفر المستلزمات الضرورية في العملية التعليمية الخاصة بالمواد العلمية، مثل الكيمياء والفيزياء التي تحتاج إلى أنابيب ومحاليل وغيرها، والمواد التطبيقية مثل ميكانيكا السيارات والصيانة وغيرها.

     وذكرت أن المعلمات يشكون عدم اهتمام الجهات المعنية وحتى الداعمة في عملية تطوير وتنمية قدرات المرأة في قطاع التعليم الفني حسب المعايير الحديثة.

     من جانبها منى أحمد (30 عامًا من عدن) تقول: عندما تخرجت من أحد المعاهد الفنية في 2013 من قسم الصيانة، لم أجد اهتمامًا من الجهات الرسمية أو الداعمة لفتح مشروعي الخاص بصيانة الجوالات وأجهزة الكمبيوتر لعدم إيمانهم بقدرات الفتيات، ولكن مع الإصرار والدعم الأسري فتحت محلًا صغيرًا لصيانة الجوالات في منطقة المنصورة، فحققت مشروعي الخاص وبجهودي الخاصة.

ضعف الثقة بقدرات النساء

     تغريد محمد مجاهد (مديرة العلاقات العامة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الفني والتدريب المهني ) تشير إلى أن المرأة في التعليم الفني تحتاج إلى الاهتمام اللازم لتطوير قدراتها وإمكاناتها وتنميتها بمختلف المجالات والتخصصات لتسهم في خدمة المجتمع، ولكن لا يوجد هناك اهتمام بتنمية الجانب الاقتصادي للفتيات الخريجات من المعاهد الفنية والتقنية.

     وتؤكد لـ”صوت الأمل” أن الثقة بقدرات النساء ومهاراتهن في الجانب الوظيفي داخل قطاع التعليم الفني والتدريب المهني مازالت ضعيفة، وليس هناك تشجيع لهن لتطوير أنفسهن في مختلف المجالات الإدارية والوظيفية والتعليمية.

   “ما قبل  2015 وإلى الآن عانى قطاع التعليم الفني الكثير من المشكلات والتحديات التي أثرت في أهميته الاقتصادية والمجتمعية في البلد، وانعكس هذا على المرأة العاملة في القطاع، وعلى نظرة المجتمع للفتيات الملتحقات بالتعليم الفني بصورة عامة”. وذلك وفقًا لقول مديرة العلاقات في الوزارة.

دمج المرأة في عملية التنمية

    تقول تغريد: “هناك تحديات تواجهها المرأة في قطاع التعليم الفني والمهني كتهميشها من المشاركة في الدورات التأهيلية التي تهدف إلى تطوير موظفي القطاع داخل اليمن وخارجها،  الأمر الذي يجعل بعض النساء يفقدن الأمل في تقديم الأفضل لقطاع التعليم الفني والمهني،  وفي المقابل يعطي تشجيع ودافع أقوى لبعضهن الآخر لمواصلة تطوير أنفسهن بإمكاناتهن الخاصة”.    ولمحاولة تنمية قدرات النساء في قطاع التعليم الفني، قالت تغريد: إنَّ تحقيق شعار دمج المرأة في عملية التنمية فعليًّا وبطريقة مؤثرة يتطلب تخططًا استراتيجيًّا مناسبًا يهدف إلى تطوير العاملين في القطاع ولاسيما النساء وتدريبهن في مختلف المجالات والتخصصات التي تسهم في عملية التنمية والتقدم.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا

صوت الأمل – رجاء مكرد     أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…