‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة إعادة إعمار اليمن - الجزء الثاني قطاع التعليم في اليمن… تحديات للانتقال من مرحلة الطوارئ إلى التعافي

قطاع التعليم في اليمن… تحديات للانتقال من مرحلة الطوارئ إلى التعافي

صوت الأمل – علياء محمد

     تأثر القطاع التعليمي جراء الصراع القائم في اليمن الذي بدأ في العام 2015م وخلف أضرارًا مهولة، إذ دمِّرت المدارس ووقف الطالب والمعلم أمام تحديات صعبة تعيقهما عن إكمال المسيرة التعليمية.

     علي أحمد (أحد طلاب المرحلة الإعدادية) أضطر إلى النزوح إلى محافظة عدن بعد احتدام الوضع في الحديدة؛ الأمر الذي جعله يترك الدراسة من أجل البحث عن عمل يعيل به أسرته.

 القطاع التعليمي ضعيف

      نواب أنور عبد الشكور (مدير إدارة الإحصاء والتخطيط بوزارة التربية والتعليم) يقول: مما لا شك فيه أن البنية التحتية والتعليمية والتجهيزات في القطاع التعليمي قبل نشوب الصراع عام 2015م لم تكن بالجودة العالية، وإنما كانت تؤدي الغرض – يمكن الاستفادة منها- واليوم ازداد الأمر سوءًا، وأدَّى ذلك إلى تدمير الكثير من المدارس وتجهيزاتها؛ الأمر الذي أثر سلبًا في سير العملية التعليمية.

        من جانبه علي أحمد مسعد: (مدرس) يوكِّد أن عدم توفر البيئة التعليمية المناسبة، والعوامل النفسية للمعلم والمتعلم، وغياب بعض المعلمين والأوضاع الاقتصادية المتردية، كل هذه العوامل كانت سببًا في تسرب الكثير من الطلاب من المدارس، وحالت بينهم وبين قدرتهم على مواصلة التعليم.

      يقول مسعد: لجأ أغلب الطلاب إلى البحث عن أعمال تساعدهم وأسرهم على توفير احتياجات الحياة؛ مما تسبب في ظهور سلوكيات تضر بالفرد والمجتمع، أهمها تعاطي القات والسجائر والشمة والسرقات.

     ويردف الأستاذ مسعد: مع وجود بعض المعالجات من القيادات التعليمية لاستعادة العافية للعملية التعليمية، واستخدام البدائل من المعلمين والمعلمات، مازال المستوى التعليمي والتربوي متدهورًا، وتراجع تراجعًا واضحًا للعيان. أضف إلى ذلك، عدم توفر الوسائل التعليمية بحيث تيسِّر على المعلم والمتعلم تلقي المعرفة لا سيما الكتاب المدرسي.

تدهور الوضع المادي سبب في انقطاع التعليم     

       عبد الله المطري (رئيس جامعة جبلة) أوضح أن تدني مستوى الدخل الذي تعرضت له أغلب شرائح المجتمع ومنها المعلم، أدَّى إلى انحسار الإقبال على العملية التعليمية بصورة عامة، وعلى التعليم الجامعي بصورة خاصة، حيث إن الإمكانات المادية في حدِّها الأدنى لا تسمح للطالب بالاستمرار في الدراسة، ولا تشجع المعلم على مواصلة عمله في التدريس، وأصبحت الأسرة تفكر كثيرًا في مواصلة أبنائها التعليم في المدارس والجامعات.

     موكِّدًا أن التضخم الكبير الذي حدث في أسعار السلع ووسائل النقل؛ بسبب شحَّة الوقود وما ترتب على ذلك من تكاليف باهظة في مجال التنقل من وإلى الجامعات تسبب في خروج الكثير من الطلاب من مدارسهم وجامعاتهم.

    ويرى المطري أنَّ انقطاع المرتبات سواء لأعضاء هيئة التدريس وموظفي الجامعات أم للموظفين في قطاع التربية والتعليم دفع  إلى تدهور العملية التعليمية، كما أنَّ انعدام الانضباط بالتقويم الجامعي بسبب صعوبة مسايرة التعليم وانعدام الوسائل التعليمية، وانعدام الموازنات التشغيلية للجامعات، مجمل ذلك أدى إلى تسرب الطلبة من الجامعات من جهة، وقلة أعداد الطلبة الذين يرغبون في الالتحاق بالجامعات من أخرى.

إحصائيات

    وفقًا للتقارير الإحصائية الرسمية (إدارة الإحصاء والتخطيط  في وزارة التربية والتعليم -عدن للعام 2015م)، بلغ عدد المدارس في الجمهورية اليمنية 16578 مدرسة، منها ما هو مصمم ليكون بناءً مدرسيًّا  بعدد 14751، ومنها من دون مبنى بعدد 545 مدرسة، ومنها ما هو بعشاش(كوخ من سعف النخل) أو تحت صفيح أو شجرة أو ركن مسجد بعدد 405 مدرسة مغلقة، أو قيد الإنشاء وعدد 4605 من غير مرافق صحية (حمامات) وعدد 13215 من دون معامل مدرسية، وعدد اثنين مليون طالب وطالبة من دون مقاعد مدرسية؛ أي يفترشون الأرض فضلًا عن التجهيزات الأخرى .

      وأدى الصراع إلى إغلاق 3700 مدرسة بعموم الجمهورية، بما يمثل ربع مدارس الجمهورية في نهاية عام 2014/2015م، وفُتِحت معظم المدارس إلا أنها مازالت تعاني من نقص كبير في التجهيزات المدرسية. كما لحقت بالمبنى المدرسي أضرار كبيرة فقد تضرر ما يقارب 1515 مدرسة منها 195 دمِّر تدميرًا كليًّا وعدد 720 تدميرًا جزئيًّا، وعدد 466 استخدمت لإيواء النازحين وعدد 134 مدرسة ثكنات الصراع، مما أتلف الكثير منها ومن تجهيزات المدارس.

   وفقًا للتقرير الصادر عن وزارة التربية والتعليم بصنعاء في العام 2020م،  بلغ إجمالي المنشآت المتضررة جراء الصراع 3,652، وإجمالي الطلبة الموجودين فيها 3,652 ومتوسط العجز السنوي في طباعة الكتب بلغ 84%.

    وذكر تقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي 2020، أن قطاع التعليم في اليمن يواجه العديد من التحديات والعوائق الناجمة عن الأضرار المادية في مرافق التعليم والنزوح القسري والأزمات الاقتصادية الحادة ومشكلة توقف دفع المرتبات وعدم انتظامها، فأثر هذا في نحو 64 % من إجمالي المدارس، و79 % من إجمالي الطلاب في البلاد.

    وطبقًا لخطة الاستجابة الإنسانية 2020 فإن 5.5 مليون طفل في التعليم الأساسي والثانوي في حاجة إلى المساعدة لضمان استمرار تعليمهم، منهم 5 مليون طفل في حاجة ماسة إلى المساعدة التعليمية.

انقطاع رواتب المعلمين

     وفقًا لمنظمة اليونيسيف في تقريرها الصادر في يوليو 2020م، فإن نحو 171,600معلم ومعلمة – أو ثلثي العاملين في مجال التدريس – لم يتسلموا رواتبهم بانتظام منذ أربع سنوات؛ الأمر الذي عرَّض ما يقارب الأربعة ملايين طفل لخطر فقدانهم فرص الحصول على التعليم.

    فريال عبد الله، إحدى المدرسات اللاتي ذهبن للبحث عن عمل آخر؛ لتعيل أسرتها تقول: “منذ انقطاع الراتب لم أعد أشعر بضرورة الذهاب إلى المدرسة، فأنا مسؤولة عن أسرة ولا أستطيع انتظار الراتب كل ثلاثة أشهر، ومع محبتي لمهنتي إلا أنني ذهبت لأبحث عن عمل آخر لأجد منه راتبًا شهريًّا يسد حاجتي أنا وأبنائي”.

     علي أحمد مسعد (مدرس) يقول: إن الصراع القائم في اليمن أثر في العملية التعليمية والتربوية منذ سبع سنوات، حيث دُمِّرت البيئة التعليمية من مدارس ومؤسسات تعليمية تدميرًا كليًّا وجزئيًّا، وتعرقل سير التعليم في أغلب مناطق المواجهة.

      وأضاف قائلًا: إن تسرب أغلب الطلاب من المدارس جراء العوامل النفسية والأوضاع الاقتصادية وتعثر الكادر التعليمي عن تأدية واجبه؛ جراء توقف المرتبات والتدهور الاقتصادي الذي ألقى بظلاله على المعلم، الذي انحصر جل تفكيره بين احتياجات أفراد أسرته، وتأدية واجبه تجاه التلاميذ، وعدم قدرة بعض المدرسين على تأدية واجبهم في المدرسة، وعدم قدرتهم على تأمين الحياة الكريمة لهم ولأسرهم.

    يقول علي مسعد: مع كل التحديات إلا أن العملية التعليمية والتربوية، تعافت في الآونة الأخيرة، ولكن مع وجود تراجع في المستوى التعليمي والتربوي.

معايير التعليم في الطوارئ

   مرة أخرى يشير نواب أنور (مدير إدارة الإحصاء والتخطيط بوزارة التربية والتعليم) في حديثه لـ “صوت الأمل” إلى أهمية تطبيق معايير التعليم في الطوارئ التي تبدأ بالمشاركة، وهو أن يشارك أعضاء المجتمع بنشاط وشفافية ومن دون تمييز في عملية تحليل الاستجابة الخاصة بقطاع التعليم والتخطيط لها.

    ويرى نواب أنه يأتي بعد ذلك معيار الموارد الذي يعمل على تحديد موارد المجتمع، وتوفيرها واستخدامها لإيجاد فرص تعلم مناسبة للفئات العمرية، ويليه معيار تطبيق آليات التنسيق في التعليم، وتقديم الدعم للمعنيين الذين يعملون لضمان الحصول على تعليم نوعي مستدام وعالي الجودة.

     يقول نواب: “إن معيار القياس والتقييم يحدث فيه إجراء لعمليات تقييم التعليم في حالات الطوارئ في الوقت المناسب على وفق منهجية شاملة وشفافة وتشاركية، وأخيرًا معيار المتابعة وتجري فيه المتابعة المستمرة للأنشطة والاستجابة للتعليم واحتياجات التعليم الناشئة للفئات المتضررة”.

المنظمات ودورها

      ويتابع نواب أنور مبينًا الدور الذي تقوم به بعض المنظمات، فيقول:  سارعت بعض المنظمات بموجب توصيات الإدارات التربوية بالمحافظات التي توجد فيها مخيمات للنازحين إلى بناء الفصول البديلة أو المؤقتة التي قامت بحل جزء كبير من عوائق التعليم للأطفال النازحين، على سبيل المثال: ما قام به مكتب التربية مأرب من عمل فصول بديلة بمنطقة الجفينة تمويل (منحة بنك الإعمار الألماني 4) عبر منظمة اليونيسيف إذ يعد ذلك حلًّا مؤقتًا لاستمرار العملية التعليمية بالحدود الدنيا.

    مضيفًا، أنه منذ   2016 إلى 2020 تحسن القطاع التعليمي بفعل الداعمين من المنظمات، كمنظمة اليونيسيف التي أسهمت بالرفع من جودة التعليم، عن طريق إجراء الترميمات الكبيرة والقليلة للمدارس المتأثرة بالصراع، وتوفير الكراسي المدرسية وغيرها من التجهيزات، بالإضافة إلى الهلال الأحمر الإماراتي بالفترة السابقة، وحاليًّا صندوق الإعمار السعودي الذي تدخل ببعض المحافظات كعدن والمهرة ونأمل بزيادة الدعم والتركيز على عدد من المحافظات.

    مؤكدًا، أصبحت عملية الانتقال من مرحلة الطوارئ إلى مرحلة التعافي تحتاج إلى تدخلات كبيرة متمثلة ببناء المدارس وإضافة فصول ثابتة في مدارس أخرى.

حلول ومعالجات

      في تقرير (إدارة التخطيط والإحصاء في وزارة التربية والتعليم) للعام 2020، اقترحت الإدارة عددًا من الحلول والمعالجات التي ستسهم في إعادة الإعمار في قطاع التعليم، منها رفع كفاية المباني المدرسية، وإعادة تأهيلها بالحد الأدنى من التجهيزات، وإعادة دراسة الكثافة السكانية، وتوزيع مناطق الاستجلاب المغذية للوصول إلى كثافة طلابية أقل.

     كما ذكر التقرير أنه من ضمن المعالجات إعادة النظر في جودة التجهيزات والانتقال إلى السبورات الذكية، والبيئة الإلكترونية، بالإضافة إلى الإسراع في فتح اعتمادات الباب الرابع بموازنة الدولة على مستوى الوزارة والمحافظات، الذي من شأنه العمل على البناء والتشييد لمدارس جديدة بدلًا عن المدمرة أو إضافة فصول ثابتة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من النازحين باتجاه بعض المحافظات.

     وفي السياق ذاته يقول عبد الله المطري (رئيس جامعة جبلة): إن انتهاء الصراع هو الحل الرئيس لإعادة إعمار ما خلفه الصراع من أضرار طالت القطاع التعليمي وكل المجالات الحيوية، بالإضافة إلى العمل على رجوع عملية صرف الرواتب والموازنات المالية اللازمة لإعادة البناء.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

92.9% اللُّحمة المجتمعية أولوية لإعادة الإعمار في اليمن

صوت الأمل – رجاء مكرد       أوضحت نتائج استبانة إلكتروني أجراها ي…