‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة إعادة إعمار اليمن اليمن وإعادة الإعمار… الصبيحي: اليمن في حاجة إلى خطة إعمار شاملة واستراتيجية

اليمن وإعادة الإعمار… الصبيحي: اليمن في حاجة إلى خطة إعمار شاملة واستراتيجية

صوت الأمل – رجاء مكرد

كثيرًا ما ارتبط إعمار اليمن بإنهاء الصراع، والملف السياسي للنزاعات.. وحول أولى خطوات إعادة الإعمار، ومدى تهيئ اليمن والشعب لإعادة الإعمار.. هذه التساؤولات وغيرها “صوت الأمل” كان لها الحوار الصُحفي مع خالد أحمد الصبيحي، مؤسس ورئيس /الهيئة العالمية للتمويل التعاوني الإسلامي ومؤلف نظرية التمويل التعاوني الاسلامي.

 كُنت قد تبنيت نظام التمويل التعاوني، حدثنا عنه؟

نظام التمويل التعاوني، فهو أحدث نظام تمويل يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية،  من خلال تمكين الطبقة الوسطى من المشاركة الاقتصادية، وذلك عبر تجميع وتنظيم وتوجيه إمكاناتها المادية لحمايتها من الإنزلاق إلى مربع الفقر  (الحفاظ على موقعها الاقتصادي أولًا ) ثم تنميتها بتراكم رأس المال الاجتماعي في إطارها ومنع أكتنازه لدى القلة من الناس، وهذا النظام مؤسس على (نظرية التمويل التعاوني).

لماذا لم يتم إقرار نظام التمويل التعاوني في اليمن؟

نحن قمنا بإعداد مسودة قانون للتمويل التعاوني، وكانت الجهود متجه نحو التنسيق مع البرلمان لمناقشة واقرار وإصدار القانون، لكن الصراع أوقف هذه الجهود أيضًا .

هل الوضع في اليمن مناسب للبدء بإعادة الإعمار؟ لماذا؟

بالتأكيد لا.. الوضع غير مناسب للإعمار، وأجواء البلد غير مهيأة لذلك؛ لأن الصراع هو دمار شامل لكل المقدرات والبنى التحتية وهو معول هدم لكافة مجالات الحياة، والمشكلة أن صراعات العرب تتجه إلى فكرة وعقيدة المعادلة الصفرية في جميع المجالات فيتجه كل طرف على إلحاق الضرر بخصمه في كل شيئ والأخطر من ذلك هو أن كل طرف لايبالي بالبلد والمواطنين ولو لحق بهم الضرر الذي يمكن تفاديه ، بمعنى أن الملف الاقتصادي و الإنساني مثلًا يجب أن يتم تجنيبهما من الصراع لكن لا سبيل إلى ذلك في ظل المعادلات الصفرية.

وإذا جئنا إلى سؤال لماذا لا يتم البدء فورًا في الإعمار ؟ فإن الإجابة الطبيعية هي أنه لا يعقل أن يتم البدء في الإعمار مع استمرار آلة الصراع في الهدم .. ثم ماذا يفيد الإعمار وأغلب المجتمع في حالة فقر مدقع وعوز شديد ومجاعة وانقطاع سبل العيش وتعطل الخدمات ونزوح مستمر.. وأين يتم الإعمار والبلد أغلب مناطقها جبهات صراع ومناطق تماس ونزوح مستمر .. لذلك فالاعمار يحتاج إلى استقرار .

برأيك ما مدى ارتباط عملية إعادة الإعمار بالملف السياسي؟

الملف السياسي هو الداء والدواء، والارتباط بين الملف السياسي وملف الإعمار ارتباط وثيق جدًا، فما حدث الصراع إلا بأبعاد وحسابات سياسية ولن ينتهي إلا بتوافقات وحل سياسي، لذلك الملف السياسي محور اساسي والصراع الإعلامي، والصراع الذي يتخذ من الأدوات الاقتصادية سلاحا له،فإذا أردنا أن نبدأ في الاعمار علينا حلحلة العقد السياسية اولا ثم يأتي الاعمار عندما يتجه الجميع إليه باعتباره مهمة وطنية تستدعي استنفار كافة الطاقات والقدرات والامكانيات.  

أين يجب أن تتمحور أولى خطوات إعادة الإعمار في اليمن؟

اليمن في حاجة إلى خطة إعمار شاملة واستراتيجية، وقد بدأنا في اعداد مشروع خطة استراتيجية لخمسين عام(خطة نصف القرن) وهي عبارة عن خطة تتكون من عشر خطط خمسية وكان المخطط لها أن تبدء في 2016م إلى 2066م، وجميع المجالات تحتاج إلى إعمار وتنمية لكن التنمية البشرية أي تنمية الإنسان  هي الأساس المتين والمحور الرئيسي  والمرتكز الوحيد الذي يمكن أن تبنى عليه مرحلة الإعمار بأهدافها الاستراتيجية فليس هناك من قيمة للأعمار الذي يتجه إلى بناء الأشياء ذات القيم المادية،  ويترك المجالات ذات القيم المعنوية فالتعليم هو أساس الإعمار والنهوض والتنمية المستدامة ثم تأتي المجالات الأخرى في المرتبة التالية .

وهنا نود الإشارة إلى أن الإعمار يحتاج إلى تمويل برامجه وسياساته بتمويلات كثيفة وهادفة تضمن الإرتقاء بمعيشة الإنسان أولًا، فلا معنى لتعليم في ظل الفقر مثلًا،  ولن يحدث ذلك إلا إذا أعدنا إعمار عقول صانعي القرار الاقتصادي بقدرات علمية وفكرية قادرة على التعامل مع أسباب المشكلات الاقتصادية وليس الوقوف عند مظاهرها ونتائجها.

كيف تقييم استعداد المجتمع اليمني للبدء بإعادة الإعمار؟

المجتمع لديه قدرة على البدء في الإعمار، لكن الصراع يقف غولًا (حاجزًا) يلتهم أي جهد وشبحًا يهدد أي محاولات، والأكثر خطورة هو أن أطراف الصراف لا يوجد لديها استعداد للتوافق والإتفاق على تجنيب الملفات ذات البعد الوطني والإنساني مآلات الصراع، وهنا أقول أن المجتمع رغم الصراع والمعضلات المتعددة إلا أن هذه الأوضاع البالغة التعقيد  التي يعيشها عرفت السواد الأعظم منه من خلال الملاحظة أن النخب المتصارعة في أوضاع معيشية أفضل بكثير منه وأن استمرار الصراع يعد لبعضهم مكسب وسبب في جني الفوائد المادية والمعنوية.

ولذلك فإن الشعب يريد المشروع الوطني الذي يمكن الوثوق به والاعتماد عليه ليقود قاطرة الإعمار والتنمية.

ما حجم التعويضات التي تحتاجها اليمن في الوقت الحالي؟

الحديث عن التعويضات سيكون مثار جدل كبير لأننا سندخل إلى بعض الأحاجي والألغاز بناء على خلفيات الصراع السياسي والتجاذبات .. وكما عهدنا الساسة كأشخاص والقوى السياسية كمكونات  في أوطاننا جميعهم فهم يعتبرون أنفسهم معصومين ولذلك لا يمكن أن يعترفوا بالخطأ أو تحمل المسؤلية والتعويضات التي نتحدث عنها تستوجب معرفة وتحديد من الذي تسبب في الصراع ومن كان محركها ومن صنع هذا الإنقسام في الصف الوطني و من خلال الإجابة الشجاعة والجريئة على هذه الأسئلة سنحدد  من الذي يجب عليه التعويض وماهي التعويضات وما مقدارها ..

ومن المهم  أن نشير إلى أن الملف اليمني أصبح ملفًا إقليميا ودوليًا وليس للأطراف الوطنية إلا أن تلعب دور المقاول والممثل للأطراف الإقليمية والدولية وهنا أصبح بموجب القانون الدولي (الذي وضع اليمن تحت  أحكام  البند أو الفصل  السابع) واجبًا على كل الأطراف الدولية والإقليمية المتصارعة أن تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية بما سببته من ضرر على البلد.لكن يجب علينا أن ندرك أن الأوطان لا تبنى إلا على يد أبنائها ومهما بلغ الدعم أو التعويضات أو المساعدات الخارجية فهي لا تساوي شيئ أمام الإرادة والرؤية الوطنية وأمام القدرات الوطنية الهائلة .

لإعادة الإعمار، ماذا تحتاج اليمن والمجتمع وماذا يجب أن يقدموا؟

في مرحلة الإعمار إذا نحن  أردنا أن نعمل للمستقبل وإذا نحن اتعظنا بالماضي فإن لنا كل شيئ  ابتداء من ثروات الوطن ومكتسباته المادية والمعنوية، والذي علينا هو أن ندرك أن الوطن بغير مشروع استراتيجي لن يكون إلا مجرد شعار للقوى المتنفذة أو مجرد عنوان للمتسلقين والطامحين وأدوات المشاريع الإقليمية والدولية، وعلى المجتمع والقوى الوطنية المخلصة والصادقة أن تبني وعي الإنسان حتى نستطيع أن نميز بين من بكى ممن تباكى ونعرف أن التماسيح لا تذرف دموعها حبًا وحنانًا وبذلك الوعي  نتجنب تكرار دوامات  الصراع  والضياع.

ماذا تحتاج البنى التحتية لكافة القطاعات لإعادة الإعمار؟

كافة القطاعات تحتاج إلى إعادة تصميم وتأهيل وتطوير وفق المعايير الدولية وبدون استثناء، فإن العالم قد سبقنا بخطوات كبيرة ومضى نحو مراحل التميز والإبداع.

ولذلك فإن هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل من خلال دراسات دقيقة لكافة المجالات، وقد يكون من السهل علينا معرفة الإجابة إذا نحن أعدنا صياغة السؤال كالتالي ماهي المجالات التي تعبر البنى التحتية لها جاهزة أو تمتلك بنى تحتية بالمواصفات الدولية ؟ ماله داعي داخل الاجابة

وهنا نجد أنه لايوجد مجال تقريبًا فيه بنى تحتية بالمعايير الدولة ولذلك نحن نحتل دائمًا(للأسف) المراتب الاخيرة في أي تصنيف لقدرات الدول في كل بنود التنمية الشاملة.

كم تقدر ميزانية إعادة إعمار اليمن برأيك؟

اليمن ليس مبنى تهدم أو جسر دمر فنحدد كم تكلفة مواد البناء التي نحتاجها لأعادة إعماره، لكن اليمن ضرب في الصميم حيث التشظي والإنقسام في بنيته الاجتماعية وخلق فكر أشد إقصاء وأنانية بين أتباع القوى المتصارعة هناك ضرر بالغ في ثقافة الأفراد عند النظر إلى مخالفيهم فكل طرف ينظر إلى الطرف الآخر أنه خائن وعدو، وأكبر خسارة هو فقد عشرات الآلاف من  الأرواح وأضعافها من الجرحى والمعوقين وأضرار النزوح والتشرد والفقر وضياع الفرص .

 أما التكلفة المادية، فتخضع لدراسات فنية تعتمد على حصر الأضرار والخسائر وفي أكثر التقارير الاقتصادي التي تقدر خسارة اليمن الاقتصادية بقرابة مائة مليار دولار، كفرص ضائعة على الناتج المحلي فإن العودة إلى نفس المستوى الاقتصادي قبل الصراع يحتاج إلى ضعف هذا الرقم على الأقل، وهنا أؤكد أن اليمن تستطيع أن توفر ذلك الرقم بدون دعم خارجي أو قروض إذا تم انتهاج سياسات اقتصادية واعتماد برامج تنموية تخرج عن المألوف والتقليد الأعمى الذي جلب علينا أخطاء وألحق بنا الأضرار الفادحة والخسائر المهولة.

هل  إعادة الإعمار تقتصر _فقط_ على المنشآت أم الإنسان اليمني بحاجة أيضًا لدعم نفسي واجتماعي؟

الإنسان قبل العمران ..الإنسان هو الهدف الأول والأخير وأي تخطيط أو إعمار  لا يراعي  الإنسان فهو مجرد تخدير موضعي وتسكين آلام .

والتنمية البشرية بمفهومها الواسع والعميق، هي المجال  الذي يجب التركيز عليه والإعتناء به فلا يمكن ان نهتم بالمظاهر والعقول ممتلئة بتصورات ومفاهيم ومواقف وأفكار تجعل حياة الإنسان ظلمات بعضها فوق بعض (صعبة)، ولا نريد الطريق والإنسان ضعيف القدرات عاجز عن السير ببصيرة نحو مصالحة وإرادته مقيدة وقواه مكبلة ومحبط لا يقوى على أن يرى بصيص النور ومشعل الأمل.. فالإنسان أولًا والإنسان أخيرًا .

ما الذي يجب على القادة السياسين فعله لإنهاء الصراع والتمهيد لمرحلة إعادة إعمار؟

 في حال توفر الرغبة أو عدمها، يجب أن يدرك الجميع أن عليهم واجب إنساني وأخلاقي وهو عدم استخدام الاقتصاد كأداة للمكايدة والمماحكة وتسجيل المواقف ..

وعليهم أن يتحلو  ولو بالحد الأدنى من الشجاعة التي تجعلهم يعترفون بأخطائهم أولًا قبل أن يصنف العدد أخطاء خصمه وأن يعمل كل طرف على مراجعات شاملة وعميقة لمواقفه وأهدافه وسياساته.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

73.3% البنية التحتية والنسيج المجتمعي اليمني مدمر كليًا

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبيان إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر أكت…