التعليم وصناعة الوعي البيئي

صوت الأمل – علياء محمد

التعليم البيئي درع واقٍ

       يقول الدكتور حسان الخولاني (مدير عام قطاع البحوث والإرشاد الزراعي): “تعرف البيئة على أنها الإنسان وكل ما يحيط به من كائنات حية ونباتات وظروف مناخية، تؤثر في الإنسان ويتأثر بها سلبًا وإيجابًا، وتتجه العديد من الدول إلى نشر الثقافة البيئية بين أوساط المجتمع عن طريق التوعية عبر وسائط الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة؛  لمعرفة عناصر البيئة والتأثيرات التي يمكن أن تنتج نتيجة تفاعلها مع بعضها وتفاعل الأنشطة البشرية فيها.

    مضيفًا، إلا أننا سنلمس النجاح الفعلي في إدماج الثقافة البيئة في المناهج والمقررات الدراسية في مختلف المستويات التعليمية، ابتداء من المدرسة وإلى الجامعة؛ لتنشئة جيل واعٍ ومترسخ لديه أهمية المحافظة على البيئة للوصول إلى حياة كريمة وصحية.

    ويوضح الدكتور الخولاني، قائلًا: “إننا في اليمن بحاجة ماسة إلى العمل الجماعي للمحافظة على البيئة وتقليل الملوثات التي باتت الهاجس الأكبر لدى معظم اليمنيين. تزايد أعداد المصابين بأمراض السرطانات المختلفة دليل واضح على انتشار الملوثات الخطيرة المسببة لها ومنها المبيدات الزراعية عالية السمية أو المنتهية الصلاحية التي يستخدمها المزارعون عشوائيًّا”.

     مشيرًا إلى أن المبيدات التي لا تخضع للرقابة بالإضافة إلى بعض المنتجات المعلبة المستوردة التي تحتوي على مواد حافظة محظورة وممنوع استخدامها عالميًّا منذ فترة طويلة، تدخل بطرق غير قانونية إلى اليمن. مؤكدًا، أهمية تعزيز ثقافة المجتمع البيئية والمحافظة عليها، الأمر الذي يتطلب العمل الجاد من مختلف الجهات الرسمية، ومؤسسات المجتمع المدني؛ لتحصين المجتمع وتوعيته واستغلال الطاقة الاستيعابية لدى الأطفال والشباب لغرس الثقافة البيئية فيهم ،وبدورهم سيشكلون الدرع الواقي للمحافظة على البيئة.

الدكتور خالد العماري (مدير عام مركز التوثيق التربوي في وزارة التربية والتعليم)، يؤكد  أهمية الاهتمام  بالتوجيه التربوي في كل المراحل التعليمة عن طريق اختيار الموضوعات البيئية الاجتماعية والاقتصادية وإدخالها في المناهج الدراسية، بالإضافة إلى التركيز على إقامة برامج التوعية البيئية، التي تبني جيلًا واعيًا قادرًا على فهم بيئته الطبيعية.

      مشيرًا إلى أن معهد المعلمين في اليمن يدرِّس كلَّ الأقسام مادةَ التربية البيئة، ويحمل مفاهيم بيئية متعددة أهمها التلوث بالإزعاج وغيرها من المفاهيم التي تغرس حب  البيئة وتوضح مصادر التلوث المختلفة.

النادي البيئي إسهامًا إيجابيًّا في حماية البيئة

     عرَّف المهندس نيازي مصطفى محمود (مدير التوعية والإعلام البيئي في الهيئة العامة لحماية البيئة) مفهوم النادي البيئي، بقوله: هم مجموعة الأفراد الذين يعملون ضمن مجموعتهم للوصول إلى هدفهم المشترك في زيادة الوعي والفهم للقيم الاقتصادية والعلمية والثقافية والجمالية للمصادر الطبيعية والإسهام الإيجابي في حماية البيئة.

ويؤكد مصطفى: “محافظة عدن هي أول المحافظات اليمنية التي أُنشئت فيها  الأندية البيئة تحث إشراف الهيئة العامة لحماية البيئة ومكتب التربية والتعليم في المحافظة، حيث يبلغ عدد الأندية البيئة في المحافظة أكثر من 120 ناديًا في مدارس التعليم الأساسي والثانوي والخاص، بعدها نقلت هذه التجربة إلى عدد من المحافظات مثل: سقطرى، لحج، الحديدة، الضالع، أبين وغيرها.

مضيفًا، أن الأندية تعمل على أنشطة داخلية أي في داخل المدرسة مثل الإذاعة المدرسية، واللوحات البيئية، والمسرحيات والشعر البيئي، وإصدار المجلات والنشرات، وزراعة المساحات في المدرسة، وحملات النظافة، بالإضافة إلى الأنشطة الخارجية، وزيارة المواقع البيئية مثل: المحميات، وتبادل الخبرات مع الأندية الأخرى، والمعارض البيئية للمدارس.

    ويتابع المهندس نيازي القول: “تجري كل تلك الأنشطة بعد أن يُختار أعضاء النادي الذين يتكونون من خمسين عضوًا في كل مدرسة، ويُقسَّم الأعضاء إلى لجان مثل: النظافة، والزراعة، وأصدقاء البحر، والشرطة البيئية، والإعلام. حيث يضع رئيس النادي البيئي ـ الذي هو طالب ــ خطة عمل للنادي ويعرضها على المعلم المشرف”.

    وفيما يخص الجامعات، هناك علاقة وتواصل بين الهيئة ومركز دراسات علوم البيئة في جامعة عدن، وأُنشئت عدد من الجمعيات البيئية في عدد من الكليات، مثل: الطب، والإعلام، والزراعة، والتربية بهدف نشر الوعي البيئي بين طلاب الجامعة.

كما تتواصل الهيئة مع عدد من الجمعيات والمبادرات الشبابية، وتعمل على تنفيذ عدد من حملات النظافة لسواحل البحر، والمشاركة في عدد من الدورات التي تنظمها الهيئة، فالتربية البيئية عنصر أساس في العملية التربوية.

    يرى العديد من الاختصاصيين والباحثين أهمية تضمين المفاهيم البيئية في المناهج والمقررات الدراسية؛ لأنها عنصر أساس في العملية التربوية، تهدف إلى تعديل السلوك على وفق قدرات وسلوكيات ومهارات التعامل مع البيئية بطريقة مثلى.

ميمونة محمد (مدرسة جغرافيا) تقول: “تضمين التربية البيئية في المناهج التعليمية والمقرارات الدراسية، له دور كبير وأهمية قصوى في توجيه الطلاب للاهتمام  بقضايا البيئية ومشكلاتها، وجعلها جزءًا من سلوكياتهم وحياتهم اليومية، حتى يتوفر للطلاب مجموعة من المعلومات الكافية التي تساعدهم في التعمق أكثر بالمفاهيم البيئية وخلق وعي بيئي صحيح، وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة البيئية المختلفة”.

    وتضيف ميمونة: نحن بحاجة إلى آلية تتخذها وزارة التربية والتعليم لدمج مفاهيم بيئية في جميع مواد المناهج المقررة للوصول إلى تحقيق علاقة تكاملية تربط بين التربية البيئية والمواد الأخرى.

     وأردفت قائلة: “أنا بصفتي مدرسة جغرافيا، أجد قصورًا في المناهج التي يجب أن ترتبط بالبيئية ارتباطًا تامًا، فعدد كبير من المفاهيم البيئية يجهلها الطلاب، وذلك بسبب القصور الموجود في المناهج”.

إغفال المناهج التعليمية ثقافة حماية البيئية

     حول المناهج التعليمية ودورها الفعال في تعزيز المفاهيم البيئية يؤكد خلدون خالد (مدرس صفوف ابتدائية)، أن المناهج التعليمية في اليمن لم  تعطِ  البيئة حيزًا كبيرًا ولا تحوي حتى نسبة 1% من المعلومات عن أهمية البيئة والتشجير.

مضيفًا، أنه خلال فترة  تدريسه لمادة العلوم واللغة العربية للصف الثالث لم يجد دروسًا مختصة بالبيئة، مذيلًا حديثه بقوله: “لذلك نحتاج إلى مساحة كبيرة لنشر ثقافة البيئية ومفاهيمها لخلق جيل واعٍ محب للبيئة”.

في السياق ذاته نجد المعلم حسين الجعدي يتحدث، فيقول: في السابق كانت هناك مادة تدرس في المدارس حملت اسم (مادة البستنة) أفتقدُها، فالمناهج الحالية لا تهتم بالبيئة أو أن اهتمامها يكاد يكون معدومًا.

    ويؤكد الجعدي: “هناك فئة من الطلاب لديهم الوعي تجاه البيئية، ولكن يجب تعزيز هذا الدور المهم الذي حان وقته في ظل التحديات التي تواجه البيئة، نحتاج إلى العودة إلى الزمن الجميل وتعود المواد القديمة التي كانت تعلمنا أهمية الأشجار وطرق زراعتها، وكنا نطبقها عمليًّا، وإذا لم تكن هناك القدرة على تضمين مادة خاصة بالتربية البيئية، فيجب تفعيل النشاطات المدرسية بحملات توعية لكي ترسخ تلك المفاهيم و يفهم الطالب دوره في الحفاظ على البيئة.

    وبدوره مشتاق البازلي (مدير مدرسة البناء التربوية) يقول: إن تعذر العملية التعليمية والتربوية سبب رئيس لعدم وجود مواد ومناهج تختص بالتعليم البيئي، فالمفاهيم البيئية تحتاج إلى منظومة متكاملة بين التربية والدولة حينها ستظهر الأنشطة في المدارس بوضوح وبروز أكثر، وسيتفاعل الجميع مع التشجير. ومع الممارسات البيئية الصحية. فالمدرسة تظل البيت الأهم في غرس هذه القيم في نفوس الطلاب .

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. ازدياد نسبة التلوث في البيئة بنسبة 89 %

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر …