‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الفقر في اليمن الصراع وتأثيره في الوضع الاقتصادي وزيادة نسبة الفقر في اليمن… تحذيرات أممية : ستعاني اليمن من أكبر فجوة فقر في العالم

الصراع وتأثيره في الوضع الاقتصادي وزيادة نسبة الفقر في اليمن… تحذيرات أممية : ستعاني اليمن من أكبر فجوة فقر في العالم

صوت الأمل – منال أمين

علاء عبدالرحمن، كان يعمل في أحد الفنادق بمحافظة تعز، وتوقف عن العمل في نهاية 2015م بسبب احتدام الصراع في المحافظة آنذاك، كما زاد الأمرَ سوءًا تدميرُ منزله الواقع في منطقة بير باشا جراء قذيفة دبابة.

    لم يكن لدى علاء إلا خيار النزوح إلى محافظة أخرى للحفاظ على سلامة عائلته المكونة من أربعة أطفال مع والدته المريضة، نزح علاء مع أسرته إلى صنعاء واستقرَّ في بيت أحد أقربائه لمدة عامين.

اضطر علاء إلى البحث يوميًّا عن عمل يسد به احتياجات أسرته ويوفر قيمة العلاجات لوالدته المصابة بالقلب، حيث كان يعمل أكثر من عمل في وقتٍ واحد، وفي أوقات كثيرة لا يجد عملًا.

علاء حاليًّا يسكن في غرفة صغيرة (دكان) اضطر أن يستأجرها بعيدًا عن أقربائه، وبصعوبة يوفر قيمة الدواء والإيجار الذي كان في 2017م يبلغ10 ألف ريال ليرتفع إلى 25 ألف ريال بعد ذلك، الأمر الذي زاد من همه بخاصة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، واحتياجات المدارس ومتطلبات كثيرة لا يستطيع توفيرها في أغلب الأوقات.

لم يكن حال علاء أفضل من حال النازحة أم سلمى (48 عامًا من محافظة الحديدة) التي تسكن حاليًّا في مخيم النازحين بعدن، حيث تقول: بعدما دُمِّر منزلنا المتواضع في منطقة حيس في أواخر 2017م ووفاة زوجي وأحد أبنائي غادرت المدينة مع باقي أولادي الخمسة متجهة إلى عدن.

كانت أمُّ سلمى تعمل في إحدى المدارس في منطقتها منظفةً وراتبها لا يتعدى الـ15 ألف ريال، أمّا زوجها فكان يعمل بالأجر اليومي في أكثر من عمل وحالتهم المعيشية صعبة جدًا، ليأتي الصراع ويكمل عليهم مأساتهم ومعاناتهم مع الحياة.

تعمل أم سلمى حاليًّا منظفةً في أحد المرافق الخاصة بعدن وبأجر يومي، لتوفر احتياجات أسرتها الأساسية ، حيث تشكو من ارتفاع الأسعار في كل شيء، لدرجة أنها لا تستطيع توفير إلا قيمة وجبة واحدة باليوم وبصعوبة شديدة.

يؤكد تقرير البنك الدولي ـ مارس 2021م، أن اليمن تعدُّ من أفقر البلدان وأقلها نموًّا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدى سنوات، وأنه يواجه حاليًّا أسوأ أزمة إنسانية عرفها العالم، بسبب الصراع الذي دمَّر اقتصادها، وأدَّى إلى انعدام الأمن الغذائي الذي أوشك أن يكون مجاعة.

وقد أشارت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 24.3 مليون شخص في عام 2020م كانوا «معرضين لخطر الجوع والمرض».

كما تشير نتائج تحليل التصنيف المرحلي المتكامل IPC للفترة من ديسمبر 2018م إلى يناير 2019م، إلى أن حدة انعدام الأمن الغذائي تفاقمت بصورة غير مسبوقة خلال السنوات القليلة الماضية، حيث  إن 63.5 ألف شخص وصلوا لأول مرة إلى المرحلة الخامسة (الكارثة ـ المجاعة) مما يدل على الشدة العالية جدًا لانعدام الأمن الغذائي بين بعض الفئات السكانية التي باتت تقاسي الجوع وغير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية.

وأضافت النتائج، أن غياب المساعدات الغذائية الإنسانية وعدم دعم تعافي جهود الأمن الغذائي،  قد يؤدي إلى دخول ما يقارب 10 مليون شخص مرحلة المجاعة خلال الفترة القادمة، حيث يوجد حالياً 9.65 مليون شخص في المرحلة الرابعة (الطوارئ) .

أكبر فجوة فقر في العالم

حذر البنك الدولي في تقريرٍ له نشر عبر موقعة الإلكتروني 2021م، من أن نحو 70% من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة يواجهون خطر المجاعة بسبب الصراع، الذي أدى إلى انعدام الأمن الغذائي، وأن ما لا يقل عن 24.1 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، بينهم 12.3 مليون طفل و3.7 ملايين نازح داخليًّا.

   كما بين التقرير، أن إجمالي الناتج المحلي في اليمن انخفض بمقدار النصف منذ 2015م، ما وضع أكثر من 80% من إجمالي السكان تحت خط الفقر؛ وإن حجم الأضرار في 16 مدينة رئيسة في اليمن تتفاوت ما بين 6.9 مليار و8.5 مليار دولار أمريكي.

    وقد حذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دراسة بعنوان (تقييم تأثير الصراع في اليمن على تحقيق أهداف التنمية المستدامة)؛ من أنه إذا استمر الصراع في اليمن حتى 2022م فأنها ستعاني من أكبر فجوة فقر في العالم، وستصنف اليمن كأفقر بلد في العالم.

استمرار الصراع وغياب الاستقرار

الدكتور يوسف سعيد (الخبير الأقتصادي وأستاذ علم الاقتصاد في جامعة عدن)  يؤكد لـ»صوت الأمل» أن تفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور حاليًّا في اليمن أسهم في زيادة نسبة مستوى الفقر وارتفاع مؤشرات الجوع على مستوى أكبر في العديد من المحافظات اليمنية.

وأوضح، أن الأسباب التي زادت من نسبة الفقر في اليمن كثيرة أهمها استمرار الصراع وغياب الاستقرار، والاختلالات الاقتصادية العميقة في المؤشرات الاقتصادية.

كما أشار إلى أن تآكل الدَّخل الناتج عن تدهور القوة الشرائية للعملة الوطنية يعدُّ من أهم الأسباب التي أسهمت في زيادة مستوى الفقر، حيث لم يعد الدَّخل يفي بحاجة المواطن من السلع الغذائية الأساسية التي ارتفعت أسعارها بدرجة جنونية جراء تدهور قيمة العملة، مما زاد من تفاقم مستوى الفقر بخاصة في جنوب اليمن.

وأضاف، أن تراجع تحويلات العاملين في البلدان المجاورة تسبب أيضًا في ارتفاع نسبة الفقر خلال السنوات الماضية وإلى الآن، كما أن الغياب شبه التام للاستثمارات الجديد التي يمكن أن ترفد الاقتصاد بطاقات جديدة وتخلق فرص عمل وتأثير الأوضاع السياسية وتردِّي الأوضاع الأمنية وضعف دور القطاع الخاص في المساعدات الاجتماعية وغياب دور الحكومة، وضعف مشروعات الضمان الاجتماعي، كل هذا زاد من تأزم الوضع المعيشي لدى أفراد المجتمع.

في السياق ذاته توضح ريام المرفدي (نائب مدير عام التسويق والترويج في المنطقة الحرة بعدن)، أن انهيار سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية أدَّى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية تفاقمًا كبيرًا، فقد شهد الريال اليمني انهيارات متكررة منذ 2015م، فقد كانت قيمة الدولار الواحد  214 ريال، لتصل قيمته في الوقت الحالي إلى نحو 1102 ريال لدولار، وهذا الارتفاع أدى إلى انتشار الفقر والمجاعة انتشارًا كبيرًا نتيجة ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 200% .

      وتقول لصوت الأمل: إن الصراع وغياب دور الدولة وتراجع تحويلات المغتربين وغياب السياسات النقدية لدى الحكومة والبنك المركزي بفعل التغييرات المتواصلة في سياسة وقيادة البنك المركزي تعد من أهم الأسباب التي زادت من تدهور الاقتصاد الوطني في البلد، كما أن هناك عوامل خارجية وسياسية تمثلت في انخفاض صادرات اليمن والمواد النفطية والغازية، واعتماد اليمن على استيراد معظم بضائعه من الخارج.

تقارير وإحصائيات

وفي تقرير لوزارة  التخطيط والتعاون الدولي ـ قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية (المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن ـ أغسطس 2020م) أشار إلى أن اليمن واجه ظروفًا اقتصادية واجتماعية وإنسانية وسياسية وأمنية غير مسبوقة منذ عام 2014م وإلى الآن، وتدهورًا في مؤشرات التنمية، وتفاقمًا في الأزمة الإنسانية.

       وأوضح التقرير، أن تلك الظروف أدت إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي وتوقف جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية، وتوقف البرامج الاستثمارية الحكومية، وجزء كبير من الاستثمارات الخاصة، وانسحاب أغلب المستثمرين الأجانب، وخروج رأس المال المحلي إلى الخارج بحثًا عن بيئة آمنة، وتعليق التعهدات من المنح والقروض الخارجية، وانخفاض الإيرادات الحكومية غير النفطية من الجمارك والضرائب.

    ووفقًا للتقرير هناك 88.8 مليار دولار أمريكي قيمة الخسارة التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الفترة 2014 – 2019م، وأن من المتوقع أن تصل إلى نحو181 مليار دولار بحلول عام 2022م في حال استمرار الصراع.

وأن  40% من الأسر اليمنية فقدت مصدر دخلها الرئيس جراء الصراع مما أدى إلى زيادة إجمالي معدل الفقر، حيث يتراوح وفقًا للتقديرات من 71%  إلى 78.8% ، وكانت النساء أشد تضررًا من الرجال، وأن 51% من المعلمين لا يتقاضون رواتبهم منذ عام 2016م وإلى اليوم، وأن 41.6 مليار دولار أمريكي قيمة الخسائر التراكمية في إجمالي الإيرادات العامة خلال الفترة 2015 ـ 2018م.

ووفقًا لمجموعة البنك الدولي (مذكرة المشاركة القطرية بشأن الجمهورية اليمنية، لفترة السنتين الماليتين 2020 – 2021 ـ أبريل  2019م) ،أوضحت أن أكثر من 80 % من السكان في اليمن بحاجة إلى نوع من المساعدات منهم 14.4 مليون في عوز شديد.

وأن معدل الجوع في اليمن حاليًّا لم يسبق له مثيل، ويسبب معاناة شديدة لملايين اليمنيين، ومع توفير المساعدات الإنسانية إلا أن هناك 15.9 مليون شخص ينامون جوعى كل يوم، حيث تحتاج أكثر من مليون امرأة و 2 مليون طفل إلى العلاج من سوء التغذية الحاد، ويمثل هذا العدد زيادة بنسبة 57 % منذ أواخر عام 2015م ، وهو ما يهدد حياة هؤلاء الأطفال ومستقبلهم.

حلول برؤية اقتصادية

ولمعرفة كيفية معالجة الأوضاع الاقتصادية للتخفيف من نسبة الفقر في اليمن يرى مصطفى نصر (الخبير الأقتصادي ورئيس مركز الإعلام الاقتصادي) أن اليمن بحاجة إلى تحقيق استقرار سياسي وأمني يسهم في إعادة الوضع الاقتصادي من جديد، والعمل على إصلاح منظومة الحكم الرشيد في البلد عبر التخلص من الفساد الذي دمَّر الاقتصاد اليمني وأسهم في انهيار الوضع المعيشي لدى المواطن اليمني في مختلف المحافظات اليمنية.

فيما يرى الدكتور يوسف أنه لمواجهة زيادة نسبة الفقر يتطلب من الجميع إنهاء الصراع والعمل على إحلال السلام والاستقرار في البلاد، وهذا سيساعد على استقرار الوضع الأمني والاقتصادي، لأن تفاقم مستويات الفقر يعد مخرجًا من مخرجات الصراع.

من جهتها تقول المرفدي: لتفادي هذا التدهور ورجوع الأمور إلى نصابها الأول، وتعافي الريال اليمنية أمام العملات الأجنبية، وجب توقف الصراع بدرجة رئيسة، والاعتماد على الإنتاج اليمني من النفط والغاز والمواد السلعية والاستهلاكية، والاستعانة بخبراء اقتصاديين خارجيين لإعادة الاقتصاد اليمني إلى وضعه الطبيعي.

ووفقًا لتقرير (التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار وبناء السلام المستدام في اليمن، الأضرار والاحتياجات، أهداف الإنعاش، أولويات التعافي وإعادة الإعمار، متطلبات السلام) لوزارة التخطيط والتعاون الدولي ـ أغسطس 2020م؛  فأن التعافي الاقتصادي يكتسب أهمية وأولوية في القضاء على الفقر بجميع أشكاله في اليمن، حيث يعد أول أهداف التنمية المستدامة البالغ 17 هدفًا من خطة التنمية المستدامة لعام 2030م العالمية التي تنفذها مجموعة البنك الدولي، ومعظم منظمات الأمم المتحدة.

حيث استعرض التقرير أهم أهداف الإنعاش والتعافي للحدِّ من الفقر في اليمن، والمتمثل في أهمية دعم العمل المؤسسي والاستراتيجي، و تعزيز سياسات متعددة القطاعات لصالح الفقراء على وفق تطبيق منهج يعتمد على العديد من القطاعات للتعامل مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الفقراء وبخاصة فقراء الريف، ودعم الجهود الوطنية في إعداد وتنفيذ استراتيجية وطنية شاملة للتخفيف من الفقر، وتأسيس نظام مستدام لمواجهة الفقر واحتمالاته في المستقبل، و إنشاء نظم شاملة لرصد وتقييم أوضاع الفقر والاستعداد لآثار التغيرات المناخية.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. ازدياد ظاهرة التسول في اليمن سببه الفقر 87 %

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر سبتمب…