الطريق إلى التنمية

صوت الأمل – عبد العزيز عوضه

في الآونة الأخيرة بدأت كثير من المجتمعات النامية بانتهاج أساليب جديدة تضمن تحقيق تنمية مستدامة وترفدها بعوامل البقاء والاستقرار والنمو، وكان التركيز على مجال المشاريع الصغيرة والأصغر محورا رئيسيا في هذا الاتجاه.

اثبتت تجارب الكثير من الدول التي قطعت شوط في هذا الاتجاه صوابية هذه الرؤية وإيجابيات النتائج التي توصلت اليها على صعيد رفع مؤشرات التنمية المجتمعية التي تلامس قاعدة وشريحة كبيرة من فئات المجتمع الأدنى والأشد احتياجًا.

وأحدثت هذه التجارب فارق في طريق تحقيق التنمية المستدامة في كثير من المجتمعات، واليمن ليست استثناء خاصة في الوضع الراهن الذي أنتج فجوة في مستوى المعيشة على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية.

من رحم معاناة الفقر والبطالة تنتج الحاجة ويتولد الابداع، ومن هنا اتجهت شريحة واسعة من اليمنيين نحو الاعتماد على المشاريع الصغيرة التي تكفل توفير مصادر دخل تضمن الحد الأدنى من مستويات المعيشة المقبولة للملايين.

المشاريع الصغيرة والاصغر هي احدى ركائز التنمية المجتمعية، وكانت قد بدأت هذه التجربة منذ ما قبل اندلاع الصراع، وكان لها نتائج ملموسة على حياة كثير من الناس، لكنها اليوم أصبحت أكثر إلحاحًا واستمرار هذه التجربة يتطلب وجود عوامل بقائها واستمرارها وفي مقدمة هذه العوامل مصادر التمويل ومؤسسات التدريب والتأهيل وقبل ذلك تهيئة البيئة الحاضنة لمثل هذه المشاريع على مستوى التسهيلات العملية والقانونية والتنظيمية من قبل الجهات الرسمية المسئولة.

الشواهد الواقعية اليوم تؤكد ان ملايين اليمنيين يعتمدون على المشاريع الصغيرة الخاصة خاصة بعد تقلص فرص العمل في القطاعين العام والخاص، حيث غادرت شريحة كبيرة من العاملين في هذين القطاعين الى تكوين مشاريع صغيرة، وتوسعت هذه المشاريع أفقيًا ورأسيًا  حتى أصبحت اليمن أكبر بلد في الشرق الأوسط من حيث عدد المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر وباتت تمثل مصدر دخل رئيسي ووحيد في اغلب الأحيان للأسر الفقيرة على امتداد الجغرافيا اليمنية.

ان الظروف القهرية التي فرضتها السنوات الأخيرة في اليمن تتطلب رؤية شاملة ومتكاملة لمعالجتها تشترك فيها كافة الجهات والهيئات والمنظمات المحلية والدولية ذات الاهتمام بهدف التخفيف مما وصفته الأمم المتحدة بـ “أسوأ ازمة إنسانية في العالم” على المدى المنظور ومن ثم معالجة الآثار التي خلفتها بشكل يضمن تجاوزها في المستقبل المنظور.

ومن هذا المنطلق فإن الاهتمام بالخطط والاستراتيجيات التي تلامس حياة أكبر شريحة في المجتمع اليمني هي حلقة أساسية في الإطار العام الذي يهدف الى إعادة الاعمار وتحسين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية وفي المقدمة ما يتعلق بالتنمية المجتمعية المستدامة.

يبقى التأكيد على ضرورة الاهتمام الكافي بدعم المشاريع الصغيرة والمسئولية التضامنية التي تشمل كافة الجهات الرسمية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني المحلية وبلا شك فإن تدخل المجتمع الدولي والجهات المانحة والمنظمات الدولية سيحدث فارق كبير في الارتقاء بهذه التجربة وتطويرها والعمل على استمراها بشكل منظم وهادف يصب في نهاية المطاف في إطار تجاوز آثار الصراع والدفع بعجلة التنمية المتوقفة منذ سنوات، وإعادة مسار اليمن الى طريق السلام والنماء.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

56% يؤكدون أن المشاريع الصغيرة تُساهم في مكافحة الفقر والبطالة

صوت الأمل – رجاءمكرد بيَنت نتائج إستطلاع إلكتروني أجرته صحيفة “صوت الأمل” التا…