لماذا قتلتني!!

                                                                                      صوت الأمل – د. أحلام القباطي

تعيش مجموعة كبيرة من النساء اليمنيات في مواجهة أعراف بالية تراها “مكلفاً” و”عاراً”، وفي مواجهة تشريعات قانونية تميل إلى اقتفاء العرف لتصل في بعض الحالات إلى إغلاق قضايا كثيرة إذا كان قاتل المرأةِ الأبَ أو الأخَ باسم مسامحة أولياء الدم!

ولعل قضية (سميحة) -التي وقعت قبل ثلاث سنوات تقريباً في صنعاء وهزت الشارع اليمني- شاهدٌ حيُّ على هذا الواقع المرير؛ فقد كانت هذه المرأة تعيش في كنف عائلة ترفض تزويجها، وعندما فاض بها الكيل لجأت إلى المحكمة لتقوم بذلك. استدعى القاضي أباها وأخاها ليكونا أولياءها أثناء عقد الزواج، لكن أخاها استغل الوضع وعاجل أخته بمشرط حاد وذبحها أمام الجميع داخل قاعة المحكمة! وليهرب الأخ من القصاص تم اختلاق قصص تمس شرفها وأنها خالفت مواثيق العرف والشرف. تجاوب الشارع اليمني مع القضية، غير أن الأب عفا عن ابنه القاتل بصفته ولي دم المغدورة.

لقد ماتت (سميحة) وبين شفتيها سؤال مؤلم: “لماذا قتلتني!!”، سؤال وجهته لأخيها ولأبيها ثم للقانون وللأعراف البالية.

حال شريحة واسعة من النساء اليمنيات أن يتعرضن لعنف عائلي من مختلف الأصناف، ولا يحق لهن اللجوء إلى القانون لطلب الإنصاف، وإن حاولت إحداهن ذلك فإن المجتمع يشير نحوها بأصابع الاتهام. فضلاً عما تتعرض له بعض النساء في بعض البيئات من عنف دائم من أزواجهن أو من بعض أفراد أسرهن تصل في كثير من الأحيان إلى الضرب، ويعد ذلك وضعاً طبيعياً في بعض الفئات التي تفتقر إلى التعليم، وأقرب مثال على ذلك ما حدث قبل أشهر للفتاة العشرينية التي قام زوجها بحرقها بالأسيد (ماء النار أو الحمض الحارق) بعد أن رفضت العودة إليه.

قضية أخرى تصنف ضمن ما تعانيه النساء اليمنيات من عنف أن كثيراً من النساء إذا أردن المطالبة بميراثهن فإنهن يتعرضن لمختلف أنواع التوبيخ والعنف وبصورة مبررة ومقبولة في المجتمع، مما يدفع بأغلبهن إلى التنازل عن حقوقهن إرضاء للأسرة؛ بل إن بعض العائلات ترغم بناتها على أن كتابة إقرار بالتنازل عن نصيبهن في الميراث إذا أردن الزواج. وتمنع كثيرٌ من الفتيات من الزواج تماماً لهذا السبب أو يتم حصر تزويجهن ضمن العائلة نفسها حفاظاً على التركة.

وختاماً، يمكن القول إنه بالرغم من أن هناك نساء يمنيات استطعن تحقيق أهدافهن ووصلن إلى مراكز ومواقع مرموقة إنما هو في أغلبه بدعم من أسرهن اللاتي أعطتهن الثقة ومساحات من الحرية فأصبحت المرأة اليمنية عضواً أساسياً في كثير من المجالات لا سيما في المجال الصحي والمجال التعليمي والمجال الأكاديمي. مع ذلك لا تزال شريحة واسعة من النساء -وهن الأكثر- ترزح تحت أوضاع غير إنسانية، ولا تستطيع النساء ممارسة حقوقهن بشكل عادل؛ لذا لابد من النظر في كثير من التشريعات القانونية الخاصة بـ “قانون الأحوال الشخصية” و”قانون الجرائم والعقوبات” خاصة فيما يتعلق بالمرأة وشؤونها، فهما يحتاجان إلى إعادة نظر وتعديل لأن وضع المرأة الحالي يتم تفسيره وفق بعض نصوص الشريعة لتخدم بعض المتطرفين فكرياً، ويتم تسويق ذلك على أنه من الدين ليكون المجتمع سليماً.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

66% من المواطنون يثقون بالتحكيم القبلي أكثر من القضاء الرسمي

أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع التابع لمركز (…