الطفولة والصراع

تعدّ المرحلة العمرية (من الولادة – إلى 18سنة) من أهم المراحل المؤثرة بشخصيات الافراد، لذا من الضروري أن يكون المحيط بتلك المرحلة فترة داعمه لتنشئة سوية خالية من الاضطرابات النفسية، والاجتماعية، والاقتصادية المؤثرة سلباً على شخصيات الاطفال مستقبلاَ، فهم نواة التنمية المستدامة للمستقبل البلد، فكيف ممكن ان ننهض بالتنمية المستدامة دون الموارد البشرية السليمة فكريا ونفسياَ.

تشير الإحصاءات العالمية أن حوالي (142) مليون طفل في العالم يعيشون في مناطق تشتد فيها الصراعات، حيث بلغت نسبة الانتهاكات الجسمية كالقتل والتشويه والتجنيد والعنف الجنسي إلى 74%، وفي عام 2019م قدرت منظمة الصحة العالمية أن 17% من الاطفال في مناطق الصراع يعانون من اضطرابات نفسية مختلفة. 

   يتعرض أطفال المناطق الصراع إلى العديد من الانتهاكات والأزمات، والخبرات التي تترك آثار سلبية على المستويين القريب والبعيد فالمواقف المخيفة والسيئة.

    بالإضافة إلى أن مناطق الصراع مثل اليمن تعد مناطق بؤر لانتشار الأمراض المعدية كالملاريا، والكوليرا، حمى الضنك، والدفتيريا، المكرفس  ، وسوء التغذية ، مع ظهور أمراض قد اختفت منذ عشرات السنين مثل شلل الاطفال ، وهذا ناتج من سوء الرعاية الصحية ، وإنعدام الامن الصحي ، والغذائي الناتج من استمرار الصراع المسلح، حيث تضطر الكثير من الأسر إلى الخروج من منازلهم الواقعة في مناطق الصراع إلى مناطق أخرى والعيش في الخيام أو في العراء وهي مناطق غير ملائمة للسكن وهذا بدوره على يؤثر على حياة الاطفال حيث يفقدون الكثير من الفرص الحياة الكريمة وحقوقهم الضرورية فلا توجد فرص للخدمات الاساسية حيث لا توجد مدارس، ولا مستشفيات، ولا مصادر نظيفة للمياه ، ولا تغذية صحية، بالإضافة إلى تعرضهم في مناطق النزوح للعديد من السلوكيات الغير سوية ومنها التحرش الجسدي أو الاعتداء الجنسي، والاختلاط بالكثير من الاشخاص الاسوياء وغير الاسوياء واكتسابهم للكثير من السلوكيات والتي قد تؤثر بعضها على مسار حياة هؤلاء الأطفال بطريقة سلبية فتؤدى إلى انحرافهم.

    وتتعمق صور الصراع المسلح بصورة واضحة على المستوى الثقافي للأطفال حيث أن مخلفات الصراعات الثقافية تترك أثر عميق في نفسيات وسلوكيات الاطفال وانعكاسها على شخصياتهم ومستقبلهم مثل ثقافة حمل السلاح، وحتي ثقافة اللعب تبدأ ثقافة العنف والعدوان والصراع والتخريب تظهر في ممارستهم اللعب واستخدامهم للضرب واكتسابهم العصبية وشدة الانفعال في التعامل مع الآخرين وهذا يؤثر سلباً على سلوكياتهم مستقبلاً

وتؤدى الصراعات إلى الفقر و الحرمان من عائل الاسرة، أو مصدر رزق الاسرة مما يدفع الكثير من الأطفال للخروج للعمل في أماكن عمل لا تتناسب مع أعمارهم ولا امكانياتهم الجسمية ،  مثل حمل أثقال ، والعمل على الآلات حادة ، وهذا يؤثر على صحتهم النفسية لان ما يقومون به لا يتناسب مع متطلبات مرحلة نموهم الجسدي والنفسي ، وتؤدى ممارستهم لتلك الاعمال إلى أصابتهم احياناَ  بإعاقات قد تصاحبهم مدى الحياة ، أو بمشاكل صحية تؤثر عليهم مستقبلاً ،أو قد يتم استغلالهم جسدياً مقابل توفير مبلغ لحياة أسرته ، أو استقطابهم كوسطاء في توزيع المخدرات التي قد يستخدمونها هم  فيصابون بأمراض مزمنة ، أو اعاقات مدى الحياة.

كما أن أخطر صور الصراع السلبية تتضح في  إنعدام الاستقرار الاسري فالأسرة هي المعنية الأولى في العناية بالأطفال ، فانعدام الاستقرار الأسرى وإنعدام الأمن الأسرى بمعناه المتكامل ( الاسرة- المنزل- عائل للأسرة- مصدر للرزق) يعني اضطرابات نفسية ، وتتأثر حياة الطفل اجتماعيا بفقدان عائل الاسرة، أو أحد الابوين او احد الأقارب أو الاصدقاء، أو بمشاهدة صور للموتى وانتشال الجثث ، وهذا يتسبب في أصابتهم بالقلق المزمن ، بالفوبيا والهلع  من الفقدان.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

89% يؤكدون استمرار أثر الصراع على صحة الأطفال ونفسياتهم

أكد (89%) من المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية أن صحة الأطفال ونفسياتهم قد تأثر…