‫الرئيسية‬ غير مصنف حياة اليمنيين: هل تأثرت بالمذاهب الدينية؟

حياة اليمنيين: هل تأثرت بالمذاهب الدينية؟

صوت الأمل – منى الأسعدي

يشهد الشارع اليمني اندماجًا ملحوظًا بين أفراده، من مختلف المذاهب الدينية المتواجدة في اليمن، حيث يميل اليمني إلى التفكير المتزن بعيدًا عن التعصب المذهبي وفتن الطائفية.. التي قد تودي بالمجتمع إلى الهاوية.. هذا ما أكده الرحالة الألماني (نيبور)- عن رحلته إلى اليمن عام 1763- في كتابه (رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها). من انطباعات رائعة عن تعايش المذاهب في اليمن مع بعضها.. موضحًا ذلك عبر مقارنات عديدة بين اليمن وبلدان أخرى.

(محمد منير:22عامًا) طالب في كلية علم الاجتماع بجامعة صنعاء، يقول: أنا مع التعايش المذهبي والديني، فكلما كان هناك مساحة من الحرية الفكرية والدينية – وفق دستور يحمي هذا الحق – كان ذلك أفضل للجميع.

وتوافقه الرأي أماني صالح (إعلامية، 25عامًا) بقولها: الحياة قائمة على مبدأ الاختلاف، والدين الإسلامي قد كفل حق اختيار الدين، فالدعوة إلى الإسلام مبنية على الترغيب به وليس الإكراه عليه، كما إن المادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – الذي تم اعتماده عام 1948- نصت على أن لكل إنسان حقّ في حرية الفكر والوجدان والدين.. ويشمل ذلك حريته في أن يتدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي معتقد يختاره، لهذا أرى أن التعايش المذهبي والملموس في واقع الشارع اليمني نموذج حب وسلام».

    في ذات السياق يقول (علي محمد:50 عامًا، ضابط شرطة)، لم أكن أدري أن هناك مذاهب إسلامية حتى وصلت إلى المرحلة الجامعية، فبدأت التعرف إلى المذاهب المتواجدة في اليمن وهي: الأشعري والشيعي والصوفي والسلفي.. وبعض المذاهب الأقلية أيضا كالإسماعيلية..  معقبًا، غير أن تعايش الناس في اليمن – بمختلف مذاهبهم -مدعاة للفخر والسعادة.

أما (أم عبد الله: ربة بيت) فتقول: لا أفهم في المذاهب كثيرا.. لكنني أعبد الله بإخلاص.. وأسردت: ذات مرة ذهبت إلى بيت عائلة زوجي، ووجدتني ابنة أخته (12 عامًا) قابضة يدي اليمنى على اليسرى في الصلاة فطلبت من أمها إخباري أن أسبل يدي.. وحين انتهيت من الصلاة، أخذتني أخت زوجي جانبا وقالت: يفضل أن تسبلي يديك في الصلاة.. وعندما سألت زوجي عن ذلك قال: أنا أُسبل يدي في الصلاة وفق المذهب المالكي، لكن القبض محبب عند أتباع الشافعي.

فيما يقول (معمر أحمد: طالب): أن الشوافع والحنابلة والمالكية كلها مذاهب سنية ومتعايشة في اليمن منذ زمن طويل.. ولا يوجد أي تعارض بينها.. ولا أي خلافات عقائدية في الأصول.

اختلاف المذاهب.. هل تعيق الزواج؟

وفق استطلاع -أجرته (صوت الأمل) على عينة من الناس- وجد أن 73.3% لا يمانعون الزواج من غير مذهبهم، بينما 20% لا يتزوجون إلا من مذاهب معينة، و6.7%  لا يتزوجون إلا من ذات المذهب.

   تقول (سحر محمد،27 عامًا) مدرسة لغة عربية: أنتمي للمذهب الإنساني، ولا أهتم كثيرا بمذاهب الآخرين ودياناتهم.. بل على العكس من ذلك أتعامل معهم بلا حواجز دينية.. مضيفة، صديقتي تنتمي للمذهب الإسماعيلي، وتزورنا باستمرار ونتقاسم كثيرًا من بعض أصناف الطعام، وعلى الرغم من عدم قبولهم بتزويج أخي من بناتهم -لأننا لا ننتمي إلى مذهبهم- فإننا حافظنا على العلاقة الودية التي تجمعنا بهم.

وفي السياق توضح لنا (السيدة آمنة:50عاما) تنتمي للمذهب الإسماعيلي، ليس هناك موانع مذهبية في تزويج بناتنا من غير الإسماعيليين.. لكنه كذا جرت العادة، فلا نتزاوج إلا من ذات المذهب.. موضحة، ان هذا ليس غريبا علينا نحن اليمنيين؛ فنحن جزء من مجتمع قبلي، والقبائل اليمنية تفضل تزويج بناتهم من ذات القبيلة التي ينتمون إليها.

فيما تؤكد (رجاء صالح:24 عاما) التي تعمل في التمريض، انها تعلم بحقيقة الفوارق الأصولية بين مذهب وآخر. وتضيف: أنتمي إلى المذهب الشافعي؛ لأني وجدت عليه عائلتي، غير أنني رفضت الزواج من شخص ينتمي إلى المذهب السلفي، فأنا غير مؤمنة بكثير من معتقداتهم الدينية لكنني أحترمها.. مضيفة: يختلف المذهب السلفي عن المذهب الشافعي وهذا كل ما في الأمر، لكنه لا يعني أبدا أنني أكرههم.. بل على العكس من ذلك: أرحب كثيرًا بتكوين علاقة صداقة ودية مع فتيات سلفيات.

أما(محمد عبد الله،27عاما)- ويمثل رأي أغلبية الشباب -يقول: لا أهتم بالمذاهب ولا مشكلة لدي في الزواج من أي امرأة تتبع مذهبًا معينًا.. الأهم أن تكون ذات خلق ودين.

المصلحة العامة تتغلب على الاختلافات المذهبية

    لا يكتفي الزائر لأسواق العاصمة اليمنية صنعاء، بأن يشتري من بضائعها، ويمضي دون أن يستوقفه اندماج اليمنيين مع بعضهم.. ففي سوق باب السلام تجد التاجر البهري يتعامل مع تاجر اّخر سلفي، ولا غرابة في أن يدير تجارتهم صوفية!

(فيصل محمد: قيم جامع) يوضح لـ (صوت الأمل): أن المجتمع اليمني – في الأصل – مجتمع متعايش مسالم.. ولم تُأثر المذاهب الدينية سلبًا على هذا التعايش والنسيج.. إضافة إلى أن اليمني يرى أن المصلحة العامة تكمن في التعايش والتأخي مع أفراد المجتمع، تاركًا مذاهبهم ومعتقداتهم الدينية جانبًا.

وأضاف ان هناك نسبة قليلة من المسيحيين الأثيوبيين في اليمن، متعايشون مع المجتمع اليمني إلى حد كبير، حتى أن منهم من يعمل لدى تجار يمنيين، مؤكدا، أن اليهود اليمنيين أيضًا يمثلون جزءًا لا يتجزأ من المجتمع اليمني واندمجوا فيه كثيرا حد التزاوج، لكن ضيق سبل العيش في اليمن دفع أغلبيتهم للهجرة.

  ويشرح: لقد كان اليمنيون من أوائل الذين دخلوا في الإسلام، وقد تم بناء كثير من المساجد في اليمن منها: الجامع الكبير في مدينة صنعاء القديمة.. وهو أول جامع بني في اليمن، وثالث جامع في الإسلام.. وما يزال هذا الجامع عامرا بذكر الله إلى يومنا هذا: يدخله اليمنيون كافة بمختلف مذاهبهم، ويصلون فيه ذات الصلاة، عدا الإسماعيليين الذين يصلون في مساجد خاصة بهم.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.